متن عربی
(234) (و من خطبة له ( عليه السلام ) و من الناس من يسمي هذه الخطبة بالقاصعة و هي تتضمن ذم إبليس لعنه اللّه على استكباره و تركه السجود لآدم ( عليه السلام ) و إنه أول من أظهر العصبية و تبع الحمية و تحذير الناس من سلوك طريقته
1. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَ الْكِبْرِيَاءَ وَ اخْتَارَهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ وَ جَعَلَهُمَا حِمًى وَ حَرَماً عَلَى غَيْرِهِ وَ اصْطَفَاهُمَا لِجَلَالِهِ وَ جَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ
2. ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ لِيُمَيِّزَ الْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ
3. فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ هُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ وَ مَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ ( إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ)
4. اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بِخَلْقِهِ وَ تَعَصَّبَ عَلَيْهِ لِأَصْلِهِ فَعَدُوُّ اللَّهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ وَ سَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ وَ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَ الْجَبَرِيَّةِ وَ ادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ وَ خَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ
5. أَ لَا تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اللَّهُ بِتَكَبُّرِهِ وَ وَضَعَهُ اللَّهُ بِتَرَفُّعِهِ فَجَعَلَهُ فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً وَ أَعَدَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ سَعِيراً
6. وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُورٍ يَخْطَفُ الْأَبْصَارَ ضِيَاؤُهُ وَ يَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُهُ وَ طِيبٍ يَأْخُذُ الْأَنْفَاسَ عَرْفُهُ لَفَعَلَ
7. وَ لَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَهُ الْأَعْنَاقُ خَاضِعَةً وَ لَخَفَّتِ الْبَلْوَى فِيهِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ابْتَلَى خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ تَمْيِيزاً بِالِاخْتِبَارِ لَهُمْ وَ نَفْياً لِلِاسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ وَ إِبْعَاداً لِلْخُيَلَاءِ مِنْهُمْ
8. فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِإِبْلِيسَ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّوِيلَ وَ جَهْدَهُ الْجَهِيدَ وَ كَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّهَ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ لَا يُدْرَى أَ مِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الْآخِرَةِ عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ
9. فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ كَلَّا مَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً
10. إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَوَاحِدٌ وَ مَا بَيْنَ اللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ حِمًى حَرَّمَهُ عَلَى الْعَالَمِينَ
11. فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ عَدُوَّ اللَّهِ أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ وَ أَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ بِنِدَائِهِ وَ أَنْ يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَ رَجْلِهِ
12. فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِيدِ وَ أَغْرَقَ لَكُمْ بِالنَّزْعِ الشَّدِيدِ وَ رَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ وَ قَالَ (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ وَ رَجْماً بِظَنٍّ غَيْرِ مُصِيبٍ
13. صَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ الْحَمِيَّةِ وَ إِخْوَانُ الْعَصَبِيَّةِ وَ فُرْسَانُ الْكِبْرِ وَ الْجَاهِلِيَّةِ
14. حَتَّى إِذَا انْقَادَتْ لَهُ الْجَامِحَةُ مِنْكُمْ
15. وَ اسْتَحْكَمَتِ الطَّمَاعِيَةُ مِنْهُ فِيكُمْ فَنَجَمَتِ الْحَالُ مِنَ السِّرِّ الْخَفِيِّ إِلَى الْأَمْرِ الْجَلِيِّ
16. اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُهُ عَلَيْكُمْ وَ دَلَفَ بِجُنُودِهِ نَحْوَكُمْ فَاقْحَمُوكُمْ وَلَجَاتِ الذُّلِّ وَ أَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ الْقَتْلِ
17. وَ اوْطَئُوكُمْ إِثْخَانَ الْجِرَاحَةِ طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ وَ حَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ وَ دَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ وَ قَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ
18. وَ سَوْقاً بِخَزَائِمِ الْقَهْرِ إِلَى النَّارِ الْمُعَدَّةِ لَكُمْ
19. فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ فِي دِينِكُمْ حَرْجاً وَ أَوْرَى فِي دُنْيَاكُمْ قَدْحاً مِنَ الَّذِينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِينَ وَ عَلَيْهِمْ مُتَأَلِّبِينَ فَاجْعَلُوا عَلَيْهِ حَدَّكُمْ وَ لَهُ جِدَّكُمْ فَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ فَخَرَ عَلَى أَصْلِكُمْ وَ وَقَعَ فِي حَسَبِكُمْ وَ دَفَعَ فِي نَسَبِكُمْ وَ أَجْلَبَ بِخَيْلِهِ عَلَيْكُمْ وَ قَصَدَ بِرَجْلِهِ سَبِيلَكُمْ يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ وَ يَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ
20. لَا تَمْتَنِعُونَ بِحِيلَةٍ وَ لَا تَدْفَعُونَ بِعَزِيمَةٍ فِي حَوْمَةِ ذُلٍّ وَ حَلْقَةِ ضِيقٍ وَ عَرْصَةِ مَوْتٍ وَ جَوْلَةِ بَلَاءٍ
21. فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ وَ أَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ وَ نَخَوَاتِهِ وَ نَزَغَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ
22. وَ اعْتَمِدُوا وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلَى رُءُوسِكُمْ وَ إِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ وَ خَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ .
23. وَ اتَّخِذُوا التَّوَاضُعَ مَسْلَحَةً بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْلِيسَ وَ جُنُودِهِ فَإِنَّ لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ جُنُوداً وَ أَعْوَاناً وَ رَجْلًا وَ فُرْسَاناً
24. وَ لَا تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ عَلَى ابْنِ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهِ سِوَى مَا أَلْحَقَتِ الْعَظَمَةُ بِنَفْسِهِ مِنْ عَدَاوَةِ الْحَسَدِ وَ قَدَحَتِ الْحَمِيَّةُ فِي قَلْبِهِ مِنْ نَارِ الْغَضَبِ
25. وَ نَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي أَنْفِهِ مِنْ رِيحِ الْكِبْرِ الَّذِي أَعْقَبَهُ اللَّهُ بِهِ النَّدَامَةَ وَ أَلْزَمَهُ آثَامَ الْقَاتِلِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
26. أَلَا وَ قَدْ أَمْعَنْتُمْ فِي الْبَغْيِ وَ أَفْسَدْتُمْ فِي الْأَرْضِ مُصَارَحَةً لِلَّهِ بِالْمُنَاصَبَةِ وَ مُبَارَزَةً لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْمُحَارَبَةِ
27. فَاللَّهَ اللَّهَ فِي كِبْرِ الْحَمِيَّةِ وَ فَخْرِ الْجَاهِلِيَّةِ
28. فَإِنَّهُ مَلَاقِحُ الشَّنَئَانِ وَ مَنَافِخُ الشَّيْطَانِ الَّتِي خَدَعَ بِهَا الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ وَ الْقُرُونَ الْخَالِيَةَ حَتَّى أَعْنَقُوا فِي حَنَادِسِ جَهَالَتِهِ وَ مَهَاوِي ضَلَالَتِهِ
29. ذُلُلًا عَنْ سِيَاقِهِ سُلُساً فِي قِيَادِهِ أَمْراً تَشَابَهَتِ الْقُلُوبُ فِيهِ وَ تَتَابَعَتِ الْقُرُونُ عَلَيْهِ وَ كِبْراً تَضَايَقَتِ الصُّدُورُ بِهِ
30. أَلَا فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ سَادَاتِكُمْ وَ كُبَرَائِكُمْ الَّذِينَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ وَ تَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ وَ أَلْقَوُا الْهَجِينَةَ عَلَى رَبِّهِمْ وَ جَاحَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا صَنَعَ بِهِمْ مُكَابَرَةً لِقَضَائِهِ وَ مُغَالَبَةً لِآلَائِهِ
31. فَإِنَّهُمْ قَوَاعِدُ أَسَاسِ الْعَصَبِيَّةِ وَ دَعَائِمُ أَرْكَانِ الْفِتْنَةِ وَ سُيُوفُ اعْتِزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ
32. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تَكُونُوا لِنِعَمِهِ عَلَيْكُمْ أَضْدَاداً وَ لَا لِفَضْلِهِ عِنْدَكُمْ حُسَّاداً وَ لَا تُطِيعُوا الْأَدْعِيَاءَ الَّذِينَ شَرِبْتُمْ بِصَفْوِكُمْ كَدَرَهُمْ وَ خَلَطْتُمْ بِصِحَّتِكُمْ مَرَضَهُمْ وَ أَدْخَلْتُمْ فِي حَقِّكُمْ بَاطِلَهُمْ
33. وَ هُمْ أَسَاسُ الْفُسُوقِ وَ أَحْلَاسُ الْعُقُوقِ اتَّخَذَهُمْ إِبْلِيسُ مَطَايَا ضَلَالٍ وَ جُنْداً بِهِمْ يَصُولُ عَلَى النَّاسِ وَ تَرَاجِمَةً يَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ
34. اسْتِرَاقاً لِعُقُولِكُمْ وَ دُخُولًا فِي عُيُونِكُمْ وَ نَفْثاً فِي أَسْمَاعِكُمْ فَجَعَلَكُمْ مَرْمَى نَبْلِهِ وَ مَوْطِئَ قَدَمِهِ وَ مَأْخَذَ يَدِهِ
35. فَاعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ الْأُمَمَ الْمُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَ صَوْلَاتِهِ وَ وَقَائِعِهِ وَ مَثُلَاتِهِ وَ اتَّعِظُوا بِمَثَاوِي خُدُودِهِمْ وَ مَصَارِعِ جُنُوبِهِمْ
36. وَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ لَوَاقِحِ الْكِبْرِ كَمَا تَسْتَعِيذُونَهُ مِنْ طَوَارِقِ الدَّهْرِ
37. فَلَوْ رَخَّصَ اللَّهُ فِي الْكِبْرِ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ لَرَخَّصَ فِيهِ لِخَاصَّةِ أَنْبِيَائِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ وَ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ كَرَّهَ إِلَيْهِمُ التَّكَابُرَ وَ رَضِيَ لَهُمُ التَّوَاضُعَ
38. فَأَلْصَقُوا بِالْأَرْضِ خُدُودَهُمْ وَ عَفَّرُوا فِي التُّرَابِ وُجُوهَهُمْ وَ خَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ كَانُوا أَقْوَاماً مُسْتَضْعَفِينَ قَدِ اخْتَبَرَهُمُ اللَّهُ بِالْمَخْمَصَةِ وَ ابْتَلَاهُمْ بِالْمَجْهَدَةِ وَ امْتَحَنَهُمْ بِالْمَخَاوِفِ وَ مَخَضَهُمْ بِالْمَكَارِهِ
39. فَلَا تَعْتَبِرُوا الرِّضَى وَ السَّخَطَ بِالْمَالِ وَ الْوَلَدِ جَهْلًا بِمَوَاقِعِ الْفِتْنَةِ وَ الِاخْتِبَارِ فِي مَوَاضِعِ الْغِنَى وَ الْإِقْتَارِ
40. فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى ( أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ)
41. فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ بِأَوْلِيَائِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ
42. وَ لَقَدْ دَخَلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَ مَعَهُ أَخُوهُ هَارُونُ ( صلى الله عليهما )عَلَى فِرْعَوْنَ وَ عَلَيْهِمَا مَدَارِعُ الصُّوفِ وَ بِأَيْدِيهِمَا الْعِصِيُّ فَشَرَطَا لَهُ إِنْ أَسْلَمَ بَقَاءَ مُلْكِهِ وَ دَوَامَ عِزِّهِ
43. فَقَالَ أَ لَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَيْنِ يَشْرُطَانِ لِي دَوَامَ الْعِزِّ وَ بَقَاءَ الْمُلْكِ وَ هُمَا بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ وَ الذُّلِّ فَهَلَّا أُلْقِيَ عَلَيْهِمَا أَسَاوِرُ مِنْ ذَهَبٍ إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وَ جَمْعِهِ وَ احْتِقَاراً لِلصُّوفِ وَ لُبْسِهِ
44. وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِأَنْبِيَائِهِ حَيْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذُّهْبَانِ وَ مَعَادِنَ الْعِقْيَانِ وَ مَغَارِسَ الْجِنَانِ وَ أَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ وَ وُحُوشَ الْأَرْضِ لَفَعَلَ
45. وَ لَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ وَ بَطَلَ الْجَزَاءُ وَ اضْمَحَلَّتِ الْأَنْبَاءُ وَ لَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلِينَ أَجُورُ الْمُبْتَلَيْنَ وَ لَا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ وَ لَا لَزِمَتِ الْأَسْمَاءُ مَعَانِيَهَا
46. وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أُولِي قُوَّةٍ فِي عَزَائِمِهِمْ وَ ضَعَفَةً فِيمَا تَرَى الْأَعْيُنُ مِنْ حَالَاتِهِمْ مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلَأُ الْقُلُوبَ وَ الْعُيُونَ غِنًى وَ خَصَاصَةٍ تَمْلَأُ الْأَبْصَارَ وَ الْأَسْمَاعَ أَذًى
47. وَ لَوْ كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لَا تُرَامُ وَ عِزَّةٍ لَا تُضَامُ وَ مُلْكٍ تَمْتَدُّ نَحْوَهُ أَعْنَاقُ الرِّجَالِ وَ تُشَدُّ إِلَيْهِ عُقَدُ الرِّحَالِ لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَى الْخَلْقِ فِي الِاعْتِبَارِ وَ أَبْعَدَ لَهُمْ مِنَ الِاسْتِكْبَارِ
48. وَ لَآمَنُوا عَنْ رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ فَكَانَتِ النِّيَّاتُ مُشْتَرَكَةً وَ الْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً
49. وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّبَاعُ لِرُسُلِهِ وَ التَّصْدِيقُ بِكُتُبِهِ وَ الْخُشُوعُ لِوَجْهِهِ وَ الِاسْتِكَانَةُ لِأَمْرِهِ وَ الِاسْتِسْلَامُ لِطَاعَتِهِ أُمُوراً لَهُ خَاصَّةً لَا تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ
50. وَ كُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَى وَ الِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ الْمَثُوبَةُ وَ الْجَزَاءُ أَجْزَلَ
51. أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اخْتَبَرَ الْأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ ( صلوات الله عليه )إِلَى الْآخِرِينَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ وَ لَا تَنْفَعُ وَ لَا تُبْصِرُ وَ لَا تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِيَاماً
52. ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ حَجَراً وَ أَقَلِّ نَتَائِقِ الدُّنْيَا مَدَراً وَ أَضْيَقِ بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ قُطْراً بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ وَ رِمَالٍ دَمِثَةٍ وَ عُيُونٍ وَشِلَةٍ وَ قُرًى مُنْقَطِعَةٍ لَا يَزْكُو بِهَا خُفٌّ وَ لَا حَافِرٌ وَ لَا ظِلْفٌ
53. ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ ( عليه السلام )وَ وَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ وَ غَايَةً لِمُلْقَى رِحَالِهِمْ تَهْوِي إِلَيْهِ ثِمَارُ الْأَفْئِدَةِ
54. مِنْ مَفَاوِزِ قِفَارٍ سَحِيقَةٍ وَ مَهَاوِي فِجَاجٍ عَمِيقَةٍ وَ جَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ ذُلُلًا يُهَلِّلُونَ لِلَّهِ حَوْلَهُ وَ يَرْمُلُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ شُعْثاً غُبْراً لَهُ
55. قَدْ نَبَذُوا السَّرَابِيلَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ شَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ الشُّعُورِ مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ ابْتِلَاءً عَظِيماً وَ امْتِحَاناً شَدِيداً وَ اخْتِبَاراً مُبِيناً وَ تَمْحِيصاً بَلِيغاً جَعَلَهُ اللَّهُ سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَ وُصْلَةً إِلَى جَنَّتِهِ
56. وَ لَوْ أَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَضَعَ بَيْتَهُ الْحَرَامَ وَ مَشَاعِرَهُ الْعِظَامَ بَيْنَ جَنَّاتٍ وَ أَنْهَارٍ وَ سَهْلٍ وَ قَرَارٍ جَمِّ الْأَشْجَارِ دَانِي الثِّمَارِ مُلْتَفِّ الْبُنَى مُتَّصِلِ الْقُرَى
57. بَيْنَ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ وَ رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَ أَرْيَافٍ مُحْدِقَةٍ وَ عِرَاصٍ مُغْدِقَةٍ وَ زُرُوعٍ نَاضِرَةٍ وَ طُرُقٍ عَامِرَةٍ لَكَانَ قَدْ صَغَّرَ قَدْرَ الْجَزَاءِ عَلَى حَسَبِ ضَعْفِ الْبَلَاءِ
58. وَ لَوْ كَانَ الْإِسَاسُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا وَ الْأَحْجَارُ الْمَرْفُوعُ بِهَا بَيْنَ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ وَ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ نُورٍ وَ ضِيَاءٍ لَخَفَّفَ ذَلِكَ مُصَارَعَةَ الشَّكِّ فِي الصُّدُورِ وَ لَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْلِيسَ عَنِ الْقُلُوبِ وَ لَنَفَى مُعْتَلِجَ الرَّيْبِ مِنَ النَّاسِ
59. وَ لَكِنَّ اللَّهَ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ وَ يَتَعَبَّدُهُمْ بِأَنْوَاعِ الْمَجَاهِدِ وَ يَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ الْمَكَارِهِ إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ إِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِي نُفُوسِهِمْ.
60. وَ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً إِلَى فَضْلِهِ وَ أَسْبَاباً ذُلُلًا لِعَفْوِهِ
61. فَاللَّهَ اللَّهَ فِي عَاجِلِ الْبَغْيِ وَ آجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ وَ سُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ فَإِنَّهَا مَصِيدَةُ إِبْلِيسَ الْعُظْمَى وَ مَكِيدَتُهُ الْكُبْرَى الَّتِي تُسَاوِرُ قُلُوبَ الرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ
62. فَمَا تُكْدِي أَبَداً وَ لَا تُشْوِي أَحَداً لَا عَالِماً لِعِلْمِهِ وَ لَا مُقِلًّا فِي طِمْرِهِ وَ عَنْ ذَلِكَ
63. مَا حَرَسَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ وَ الزَّكَوَاتِ وَ مُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الْأَيَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ تَسْكِيناً لِأَطْرَافِهِمْ وَ تَخْشِيعاً لِأَبْصَارِهِمْ وَ تَذْلِيلًا لِنُفُوسِهِمْ وَ تَخْفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ وَ إِذْهَاباً لِلْخُيَلَاءِ عَنْهُمْ
64. لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عِتَاقِ الْوُجُوهِ بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً وَ الْتِصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالْأَرْضِ تَصَاغُراً وَ لُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ مِنَ الصِّيَامِ تَذَلُّلًا مَعَ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْفَقْرِ
65. انْظُرُوا إِلَى مَا فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ مِنْ قَمْعِ نَوَاجِمِ الْفَخْرِ وَ قَدْعِ طَوَالِعِ الْكِبْرِ
66. وَ لَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ يَتَعَصَّبُ لِشَيْ ءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا عَنْ عِلَّةٍ تَحْتَمِلُ تَمْوِيهَ الْجُهَلَاءِ أَوْ حُجَّةٍ تَلِيطُ بِعُقُولِ السُّفَهَاءِ غَيْرَكُمْ فَإِنَّكُمْ تَتَعَصَّبُونَ لِأَمْرٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ سَبَبٌ وَ لَا عِلَّةٌ
67. أَمَّا إِبْلِيسُ فَتَعَصَّبَ عَلَى آدَمَ لِأَصْلِهِ وَ طَعَنَ عَلَيْهِ فِي خِلْقَتِهِ فَقَالَ أَنَا نَارِيٌّ وَ أَنْتَ طِينِيٌّ وَ أَمَّا الْأَغْنِيَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ الْأُمَمِ فَتَعَصَّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ فَ قالُوا (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ)
68. فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ الْخِصَالِ وَ مَحَامِدِ الْأَفْعَالِ
69. وَ مَحَاسِنِ الْأُمُورِ الَّتِي تَفَاضَلَتْ فِيهَا الْمُجَدَاءُ وَالنُّجَدَاءُ مِنْ بُيُوتَاتِ الْعَرَبِ وَ يَعَاسِيبِ القَبَائِلِ بِالْأَخْلَاقِ الرَّغِيبَةِ وَ الْأَحْلَامِ الْعَظِيمَةِ وَ الْأَخْطَارِ الْجَلِيلَةِ وَ الْآثَارِ الْمَحْمُودَةِ
70. فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ وَ الْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ وَ الطَّاعَةِ لِلْبِرِّ وَ الْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ وَ الْأَخْذِ بِالْفَضْلِ وَ الْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ وَ الْإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ وَ الْإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ وَ الْكَظْمِ لِلْغَيْظِ وَ اجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ
71. وَ احْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ بِسُوءِ الْأَفْعَالِ وَ ذَمِيمِ الْأَعْمَالِ فَتَذَكَّرُوا فِي الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ وَ احْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِي تَفَاوُتِ حَالَيْهِمْ فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِهِ شَأْنَهُمْ
72. وَ زَاحَتِ الْأَعْدَاءُ لَهُ عَنْهُمْ وَ مُدَّتِ الْعَافِيَةُ فِيهِ عَلَيْهِمْ وَ انْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَهُ مَعَهُمْ وَ وَصَلَتِ الْكَرَامَةُ عَلَيْهِ حَبْلَهُمْ مِنَ الِاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ وَ اللُّزُومِ لِلْأُلْفَةِ وَ التَّحَاضِّ عَلَيْهَا وَ التَّوَاصِي بِهَا
73. وَ اجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ وَ أَوْهَنَ مُنَّتَهُمْ مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ وَ تَشَاحُنِ الصُّدُورِ وَ تَدَابُرِ النُّفُوسِ وَ تَخَاذُلِ الْأَيْدِي
74. وَ تَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ التَّمْحِيصِ وَ الْبَلَاءِ أَ لَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلَائِقِ أَعْبَاءً وَ أَجْهَدَ الْعِبَادِ بَلَاءً وَ أَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالًا الْعِبَادِ بَلَاءً وَ أَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالًا
75. اتَّخَذَتْهُمُ الْفَرَاعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَ جَرَّعُوهُمُ الْمُرَارَ فَلَمْ تَبْرَحِ الْحَالُ بِهِمْ فِي ذُلِّ الْهَلَكَةِ وَ قَهْرِ الْغَلَبَةِ لَا يَجِدُونَ حِيلَةً فِي امْتِنَاعٍ وَ لَا سَبِيلًا إِلَى دِفَاعٍ
76. حَتَّى إِذَا رَأَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى فِي مَحَبَّتِهِ وَ الِاحْتِمَالِ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ خَوْفِهِ جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ الْبَلَاءِ فَرَجاً فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ وَ الْأَمْنَ مَكَانَ الْخَوْفِ
77. فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً وَ أَئِمَّةً أَعْلَاماً وَ قَدْ بَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ الْآمَالُ إِلَيْهِ بِهِمْ
78. فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ كَانَتِ الْأَمْلَاءُ مُجْتَمِعَةً وَ الْأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً وَ الْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً وَ الْأَيْدِي مُتَرَادِفَةً وَ السُّيُوفُ مُتَنَاصِرَةً وَ الْبَصَائِرُ نَافِذَةً وَ الْعَزَائِمُ وَاحِدَةً
79. أَ لَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً فِي أَقْطَارِ الْأَرَضِينَ وَ مُلُوكاً عَلَى رِقَابِ الْعَالَمِينَ
80. فَانْظُرُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ فِي آخِرِ أُمُورِهِمْ حِينَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَ تَشَتَّتَتِ الْأُلْفَةُ وَ اخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ وَ الْأَفْئِدَةُ وَ تَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ وَ تَفَرَّقُوا مُتَحَارِبِينَ
81. قَدْ خَلَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِهِ وَ سَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِهِ وَ بَقِيَ قَصَصُ أَخْبَارِهِمْ فِيكُمْ عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِينَ
82. فَاعْتَبِرُوا بِحَالِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَ بَنِي إِسْحَاقَ وَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (( عليهم السلام ) فَمَا أَشَدَّ اعْتِدَالَ الْأَحْوَالِ وَ أَقْرَبَ اشْتِبَاهَ الْأَمْثَالِ تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ فِي حَالِ تَشَتُّتِهِمْ وَ تَفَرُّقِهِمْ لَيَالِيَ كَانَتِ الْأَكَاسِرَةُ وَ الْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ
83. يَحْتَازُونَهُمْ عَنْ رِيفِ الْآفَاقِ وَ بَحْرِ الْعِرَاقِ وَ خُضْرَةِ الدُّنْيَا إِلَى مَنَابِتِ الشِّيحِ وَ مَهَافِي الرِّيحِ وَ نَكَدِ الْمَعَاشِ فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ دَبَرٍ وَ وَبَرٍ أَذَلَّ الْأُمَمِ دَاراً وَ أَجْدَبَهُمْ قَرَاراً
84. لَا يَأْوُونَ إِلَى جَنَاحِ دَعْوَةٍ يَعْتَصِمُونَ بِهَا وَ لَا إِلَى ظِلِّ أُلْفَةٍ يَعْتَمِدُونَ عَلَى عِزِّهَا
85. فَالْأَحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ وَ الْأَيْدِي مُخْتَلِفَةٌ وَ الْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي بَلَاءِ أَزْلٍ وَ أَطْبَاقِ جَهْلٍ مِنْ بَنَاتٍ مَوْءُودَةٍ وَ أَصْنَامٍ مَعْبُودَةٍ وَ أَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ وَ غَارَاتٍ مَشْنُونَةٍ
86. فَانْظُرُوا إِلَى مَوَاقِعِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طَاعَتَهُمْ وَ جَمَعَ عَلَى دَعْوَتِهِ أُلْفَتَهُمْ
87. كَيْفَ نَشَرَتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا وَ أَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ نَعِيمِهَا وَ الْتَفَّتِ الْمِلَّةُ بِهِمْ فِي عَوَائِدِ بَرَكَتِهَا فَأَصْبَحُوا فِي نِعْمَتِهَا غَرِقِينَ وَ فِي خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهِينَ
88. قَدْ تَرَبَّعَتِ الْأُمُورُ بِهِمْ فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ وَ آوَتْهُمُ الْحَالُ إِلَى كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ وَ تَعَطَّفَتِ الْأُمُورُ عَلَيْهِمْ فِي ذُرَى مُلْكٍ ثَابِتٍ
89. فَهُمْ حُكَّامٌ عَلَى الْعَالَمِينَ وَ مُلُوكٌ فِي أَطْرَافِ الْأَرَضِينَ يَمْلِكُونَ الْأُمُورَ عَلَى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ وَ يُمْضُونَ الْأَحْكَامَ
90. فِيمَنْ كَانَ يُمْضِيهَا فِيهِمْ لَا تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ وَ لَا تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ
91. أَلَا وَ إِنَّكُمْ قَدْ نَفَضْتُمْ أَيْدِيَكُمْ مِنْ حَبْلِ الطَّاعَةِ وَ ثَلَمْتُمْ حِصْنَ اللَّهِ الْمَضْرُوبَ عَلَيْكُمْ بِأَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ
92. وَ إِنَّ اللَّهَ (سُبْحَانَهُ) قَدِ امْتَنَّ عَلَى جَمَاعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِيمَا عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هَذِهِ الْأُلْفَةِ
93. الَّتِي يَنْتَقِلُونَ فِي ظِلِّهَا وَ يَأْوُونَ إِلَى كَنَفِهَا بِنِعْمَةٍ لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَةً لِأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَنٍ وَ أَجَلُّ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ
94. وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَعْرَاباً وَ بَعْدَ الْمُوَالَاةِ أَحْزَاباً مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا بِاسْمِهِ وَ لَا تَعْرِفُونَ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا رَسْمَهُ
95. تَقُولُونَ النَّارَ وَ لَا الْعَارَ كَأَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا الْإِسْلَامَ عَلَى وَجْهِهِ انْتِهَاكاً لِحَرِيمِهِ وَ نَقْضاً
96. لِمِيثَاقِهِ الَّذِي وَضَعَهُ اللَّهُ لَكُمْ حَرَماً فِي أَرْضِهِ وَ أَمْناً بَيْنَ خَلْقِهِ
97. وَ إِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ إِلَى غَيْرِهِ حَارَبَكُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ ثُمَّ لَا جَبْرَائِيلُ وَ لَا مِيكَائِيلُ وَ لَا مُهَاجِرُونَ وَ لَا أَنْصَارٌ يَنْصُرُونَكُمْ إِلَّا الْمُقَارَعَةَ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَكُمْ
98. وَ إِنَّ عِنْدَكُمُ الْأَمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَ قَوَارِعِهِ وَ أَيَّامِهِ وَ وَقَائِعِهِ
99. فَلَا تَسْتَبْطِئُوا وَعِيدَهُ جَهْلًا بِأَخْذِهِ وَ تَهَاوُناً بِبَطْشِهِ وَ يَأْساً مِنْ بَأْسِهِ
100. فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلَّا لِتَرْكِهِمُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَعَنَ اللَّهُ السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي وَ الْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ التَّنَاهِي
101. أَلَا وَ قَدْ قَطَعْتُمْ قَيْدَ الْإِسْلَامِ وَ عَطَّلْتُمْ حُدُودَهُ وَ أَمَتُّمْ أَحْكَامَهُ
102. أَلَا وَ قَدْ أَمَرَنِيَ اللَّهُ بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَ النَّكْثِ وَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ وَ أَمَّا الْقَاسِطُونَ فَقَدْ جَاهَدْتُ وَ أَمَّا الْمَارِقَةُ فَقَدْ دَوَّخْتُ
103. وَ أَمَّا شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ فَقَدْ كُفِيتُهُ بِصَعْقَةٍ سَمِعْتُ لَهَا وَجْبَةَ قَلْبِهِ وَ رَجَّةَ صَدْرِهِ وَ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَ لَئِنْ أَذِنَ اللَّهُ فِي الْكَرَّةِ عَلَيْهِمْ لَأُدِيلَنَّ مِنْهُمْ إِلَّا مَا يَتَشَذَّرُ فِي أَطْرَافِ الْبِلَادِ تَشَذُّراً
104. أَنَا وَضَعْتُ فِي الصِّغَرِ بِكَلَاكِلِ الْعَرَبِ وَ كَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ
105. وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله )بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَ الْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حَجْرِهِ وَ أَنَا وَلِيدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَ يَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَ يَمُسُّنِي جَسَدَهُ وَ يُشِمُّنِي عَرْفَهُ
106. وَ كَانَ يَمْضَغُ الشَّيْ ءَ ثُمَّ يُلَقِّمُنِيهِ وَ مَا وَجَدَ لِي كِذْبَةً فِي قَوْلٍ وَ لَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ
107. وَ لَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ ( صلى الله عليه وآله )مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ وَ مَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَهُ وَ نَهَارَهُ
108. وَ لَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ عَلَماً وَ يَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ
109. وَ لَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَ لَا يَرَاهُ غَيْرِي وَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله )وَ خَدِيجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَ الرِّسَالَةِ وَ أَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ
110. وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ ( صلى الله عليه وآله )فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ
111. إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَى مَا أَرَى إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَ لَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ وَ إِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ
112. وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ ( صلى الله عليه وآله )لَمَّا أَتَاهُ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ عَظِيماً لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُكَ وَ لَا أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ
113. وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَ أَرَيْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَ رَسُولٌ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ
114. فَقَالَ ( صلى الله عليه وآله )وَ مَا تَسْأَلُونَ قَالُوا تَدْعُو لَنَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَ تَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَقَالَ (صلى الله عليه وآله و سلم) إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌفَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ذَلِكَ أَ تُؤْمِنُونَ وَ تَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ قَالُوا نَعَمْ
115. قَالَ فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا تَفِيئُونَ إِلَى خَيْرٍ وَ إِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ وَ مَنْ يُحَزِّبُ الْأَحْزَابَ
116. ثُمَّ قَالَ ( صلى الله عليه وآله )يَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ تَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ
117. وَ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَانْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا وَ جَاءَتْ وَ لَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ وَ قَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله )مُرَفْرِفَةً
118. وَ أَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الْأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله )وَ بِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وَ كُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ ( صلى الله عليه وآله )
119. فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً وَ اسْتِكْبَاراً فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا وَ يَبْقَى نِصْفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَ أَشَدِّهِ دَوِيّاً فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله )
120. فَقَالُوا كُفْراً وَ عُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ فَأَمَرَهُ ( صلى الله عليه وآله )فَرَجَعَ
121. فَقُلْتُ أَنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وَ إِجْلَالًا لِكَلِمَتِكَ
122. فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ ساحِرٌ كَذَّابٌ عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ وَ هَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ إِلَّا مِثْلُ هَذَا (يَعْنُونَنِي)
123. وَ إِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ
124. سِيمَاهُمْ سِيمَا الصِّدِّيقِينَ وَ كَلَامُهُمْ كَلَامُ الْأَبْرَارِ عُمَّارُ اللَّيْلِ وَ مَنَارُ النَّهَارِ مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ يُحْيَوْنَ سُنَنَ اللَّهِ وَ سُنَنَ رَسُولِهِ
125. لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَ لَا يَعْلُونَ وَ لَا يَغُلُّونَ
126. وَ لَا يُفْسِدُونَ قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ وَ أَجْسَادُهُمْ فِي الْعَمَلِ.
متن فارسی
خطبه اى از آن حضرت (علیه السلام)بعضى اين خطبه را «قاصعه» ناميده اند و آن در نكوهش ابليس (لعنه الله) است به سبب خودپسندى او و سجده نكردنش براى آدم (علیه السلام). او نخستين كسى است كه عصبيت را آشكار ساخت و از حميّت پيروى نمود. اين خطبه مردم را از رفتن به راه ابليس برحذر مى دارد.
- ستايش خداوندى را كه كسوت عزّت و بزرگى پوشيد و آن دو را خاص خود گردانيد نه آفريدگانش و، آن دو را بر ديگران ممنوع و حرام نمود. عزّت و بزرگى را تنها براى جلالت شأن خويش برگزيد و لعنت را نصيب كسى از بندگانش نمود كه در عزّت و بزرگى با او به منازعت برخاست.
- سپس ملايكه مقرّب خود را بياموزد تا متواضعانشان را از متكبّرانشان تميز دهد.
- آن گاه خداى سبحان كه از راز درون دلها آگاه است و آنچه را در پرده نهان است مى داند، گفت: «پروردگارت به فرشتگان گفت: من بشرى را از گل مى آفرينم چون تمامش كردم و در آن از روح خود دميدم همه سجده اش كنيد. همه فرشتگان سجده كردند، مگر ابليس.»
- ابليس بر آدم رشك برد و به آفرينش خود بر او باليد و به اصل خود نازيدن گرفت. ابليس دشمن خدا و پيشواى متعصبان و پيشرو مستكبران و گردنكشان است. او بود كه عصبيت را پايه نهاد و با خداى تعالى بر سر كسوت عزّت و جبروت به نزاع پرداخت و خود چنان كسوتى پوشيد و جامه خوارى و مذلّت از تن به در نمود.
- آيا نمى بينيد كه خداوند چگونه او را به سبب تكبرش حقير ساخت و به سبب بلند پروازيش پست و بيقدر نمود و در دنيا مطرودش ساخت و در آخرت هم به عذاب آتش گرفتار خواهد نمود
- اگر خداى تعالى مى خواست كه آدم را از نورى بيافريند كه پرتوش ديده ها را خيره سازد و زيباييش بر خردها چيره شود و بوى خوشش دماغ جانها را معطر سازد، مى توانست.
- اگر چنين كرده بود، گردن همگان در برابر او به خضوع خم مى گرديد و كار آزمايش بر ملايكه هم آسان مى شد. ولى خداى سبحان، آفريدگان خود را به بعضى چيزهايى، كه از اصل آن بى خبرند، مى آزمايد، تا فرمانبرداران از نافرمانان جدا شوند و آنان را از لوث خودكامگى و گردنكشى پاك دارد و تكبر و خودپسندى را از آنان دور گرداند.
- پس، از آن معاملت كه خداوند با ابليس كرد عبرت گيريد. آن همه اعمال نيكويش را باطل گردانيد و آن همه سعى و كوشش او را بى ثمر ساخت. ابليس شش هزار سال خدا را عبادت كرد، حال از سالهاى دنيا بود يا سالهاى آخرت كس نداند، ولى يك ساعت تكبر ورزيد.
- بعد از ابليس چه كسى ممكن است كه از اين گونه نافرمانيها در برابر ذات احديت در امان ماند هرگز خداوند انسانى را به بهشت نمى برد كه مرتكب عملى شده باشد كه ملكى را به سبب آن از بهشت رانده است.
- حكم او بر اهل آسمانها و مردم روى زمين يكسان است. و ميان خدا و هيچيك از بندگانش مصالحه اى نيست كه چيزى را كه بر همه جهانيان حرام كرده بر آن بنده مباح نموده باشد.
- پس، اى بندگان خدا بترسيد از اين كه دشمن خدا شيطان شما را به بيمارى خود [تكبر و خودپسندى ] دچار گرداند و به نداى خود شما را از جاى برانگيزد و سواران و پيادگان خود را به سر شما آورد.
- به جان خودم سوگند كه او تير تهديد در كمان رانده و كمانش را سخت كشيده است و از جايى نزديك بر شما تير مى بارد. و گفت: «اى پروردگار من چون مرا نوميد كردى. در روى زمين بديها را در نظرشان بيارايم و همگان را گمراه كنم.» با اين سخن تير به تاريكى مى افكند، تيرى كه هرگز به هدف نمى رسيد.
- ولى جماعتى از زادگان حميّت و قومى از متعصبان و سواركاران ميدان تكبر و جهالت سخنش را راست پنداشتند.
- تا آن گاه كه آن سركش و طاغى از ميان شما برپاى خاست و مطيع فرمان وى شد.
- شما در او طمع بستيد و در طمع خود پاى فشرديد تا آن وسوسه ها كه در دل داشتيد، آشكار گرديد
- و استيلاى او بر شما نيرو گرفت و لشكرهاى خود بر سر شما كشيد،و در مغاك خوارى و مذلتتان افكندند، و در ورطه هلاكتان سرنگون ساختند
- و با تنى مجروح پايمالتان نمودند. نيزه ها در چشمانتان، نشاندند و گلوهايتان را بريدند و بينى هايتان را خرد كردند بدين قصد كه شما را بكشند و مهار در بينى كرده به سوى آتشى كه برايتان مهيا شده است بكشند.
- پس شيطان به سبب آسيب رساندنش به دين شما و آتش افروزيش در دنياى شما بزرگتر از كسانى است كه به نبردشان برخاسته ايد و براى پيكار به آنان آرايش لشكر داده ايد.
- پس همه سعى خود را بر دفع او گماريد. به خدا سوگند كه او بر پدر شما فخر كرد و بر حسب و نسب شما عيب گرفت و سوارانش را بر سر شما آورد و پيادگانش را بر سر راهتان بداشت. چنانكه، در هر جا شكارتان مى كند و سر انگشتانتان را مى برد.
- به هيچ حيله خود را در امان نتوانيد داشت و به هيچ افسون دفع آن نتوانيد كرد. در لجّه خوارى گرفتار مانده ايد، در چنبر تنگى افتاده ايد و در عرصه مرگ و فنا و جولانگاه بلا اسير شده ايد.
- آتش عصبيت و كينه هاى جاهلى را كه در اعماق دلتان كمين گرفته است، خاموش سازيد كه اين حميّت براى مسلمانان از خطرهاى شيطان است و از خودكامگيها و تباهكاريها و وسوسه هاى اوست.
- بر آن مصمم شويد كه فروتنى را بر فرق خود جاى دهيد و تكبر و خودخواهى را زير پاى افكنيد و خودكامگى را از گردنهايتان فرو هليد.
- فروتنى را چون مرزدارانى ميان خود و دشمن بگماريد، يعنى ميان خود و شيطان كه او را از هر ملت و قومى لشكرها و يارانى است. چه پياده و چه سواره.
- و مباشيد، همانند آن كس كه بر برادر خود كبر ورزيد بى آنكه، خدا او را بر برادرش فضيلتى داده باشد. جز آنكه كبر و خودپسندى كه از حسد برخاسته بود، بر او روى نهاد و حميّت در دل او آتش غضب افروخت
- و شيطان در بينى او باد غرور دميد. خداوند كيفر او را پشيمانى داد و گناه همه آدمكشان را تا روز قيامت بر گردن او نهاد.
- بدانيد كه شما در ستمگرى سخت پيش رانديد و در زمين فساد كرديد كه هم بصراحت با خدا در افتاديد و هم در نبرد روياروى مؤمنان قرار گرفتيد.
- خدا را، خدا را،حذر كنيد از بزرگى فروختن به سبب حميّت و تفاخر كردن به روش اهل جاهليت
- . كه حميت زادگاه دشمنيهاست و جايگاه افسون دميدن شيطان. شيطان با افسونهاى خود امتهاى پيشين و مردمان روزگاران ديرين را فريب داد، تا آن گاه كه در ظلمات جهالت او و مغاكهاى ضلالت او سرنگون گشتند.
- در حالى كه، تسليم او بودند كه به هر جا كه خواهد براندشان و رام او، كه به هر سو كه خواهد بكشاندشان و شتافتند به سوى چيزى كه دلها در پذيرفتنش همانند يكديگرند و بسا سالها كه در پى آن روان بوده اند، در حالى كه، سينه ها از تكبر به تنگى افتاده بوده است.
- هان. حذر كنيد، حذر كنيد از اطاعت سروران و مهترانتان كه به حيثيت و شرف پدران خود نازيدند و رفعت جستند به نياكان خود بر ديگران. و چيزى را كه خود عيب مى شمردند به پروردگار خود نسب دادند و نعمتى را كه خدا ارزانيشان داشته بود، انكار كردند و با قضا و قدر او به ستيزه برخاستند و با نعمتهاى او سر پيكار داشتند.
- اينها پايه ها و اساس عصبيت اند و اركان فتنه و شمشيرهاى نازش به شيوه زمان جاهليت.
- پس، از خدا بترسيد و با نعمتهايى كه شما را داده است مستيزيد و به فضيلتى كه به يكى از شما عنايت كرده است رشك مبريد و از مدعيان دروغين نسب پيروى مكنيد. اينان كسانى هستند كه شما آب صافى و گواراى خود را با آب گل آلود آنان نوشيديد و بيماريشان را با تندرستى خود در آميختيد و سخن باطلشان را بر سخن حق خود در افزوديد.
- اينان اساس بزهكارى هستند و ملازمان نافرمانى و معصيت خداوندند، شيطان بار ضلالت خود بر پشت آنها نهاده كه خود لشكريان شيطان اند كه به نيرويشان بر مردم مى تازد و چون ترجمانى به زبانشان سخن مى گويد
- تا عقلهايتان را بدزدد و در چشمانتان داخل شود و بر گوشهايتان افسون دمد و شما را هدف تيرهاى خود سازد و به زير پاى خود بسپرد و شما را دستمايه اغواى خود گرداند.
- پس عبرت گيريد از آنچه مستكبران پيش از شما را رسيد، از عذاب و خشم خدا و سختگيريها و عقوبتهاى او. و پند گيريد از چهره بر خاك نهاده آنها و از پهلوهاى بر خاك خفته آنها
- و به خدا پناه بريد از آنچه تكبر آورد، آنسان، كه از حوادث روزگار به او پناه مى بريد.
- اگر خداى تعالى بندگانش را رخصت كبر ورزيدن مى داد، همانا به خواص پيامبران و دوستان خود رخصت مى داد. ولى خداى سبحان، كبر ورزيدن را براى ايشان ناپسند شمرد و از تواضعشان خشنودى نمود.
- آنان چهره هاى خود را بر زمين هشتند و رويهاى خود به خاك بيالودند و در برابر مؤمنان فروتنى نمودند و خود مردمانى بودند به ناتوانى موصوف. خداوندشان به گرسنگى امتحان نمود و به سختيها مبتلا كرد و به وحشتها بيازمود و به جفاها و ناخوشيها بپالود.
- مبادا كه مال و فرزند را ترازوى خشم و خشنودى خداوند پنداريد، در حالى كه، ندانيد كه اگر توانگرى و قدرت عطا مى كند، چيزى جز آزمايش شما نيست.
- خداى سبحان فرمايد: «آيا مى پندارند كه آن مال و فرزند كه ارزانيشان مى داريم. براى آن است كه مى كوشيم خيرى به آنها برسانيم نه، كه آنان در نمى يابند.»
- او بندگان خودپسند و سركش خود را به ارزش و اعتبارى كه بندگان زبون و ناتوان او در ديده آنها دارد مى آزمايد.
- چنانكه موسى بن عمران با برادرش هارون بر فرعون داخل شدند. آن دو جامه پشمين بر تن داشتند و هر يك را عصايى در مشت بود. به فرعون گفتند كه اگر اسلام آورد عزّت و پادشاهيش باقى خواهد ماند.
- فرعون گفت: آيا از اين دو در شگفت نيستيد كه با من در باب بقاى عزّت و سلطنتم شرط مى كنند و خود چنانكه مى بينيد در عين بينوايى و خوارى هستند. چرا دستبندهاى زرين به دستهايشان آويخته نيست زيرا فرعون زر و زراندوزى را بزرگ مى داشت و جامه پشمين پوشيدن را حقير مى شمرد.
- اگر خداى سبحان، مى خواست كه هنگام مبعوث داشتن پيامبران خود گنجها و معادن زر را برايشان بگشايد و باغهاى بهشت گونه را به آنان دهد و پرندگان آسمان و وحوش زمين را به فرمان ايشان در آورد، چنان مى كرد.
- ولى اگر چنان كرده بود، آزمايشها را موردى نبود و پاداش روز جزا باطل مى شد و اخبار آسمان تباه مى گرديد. و اجر و مزد امتحان شدگان بر پذيرندگان دعوت تعلق نمى گرفت و مؤمنان مستحق ثواب نيكوكاران نمى شدند. نامهاى مؤمن و كافر، معانى خود را از دست مى دادند.
- ولى خداى سبحان، پيامبران خود را به اراده و تصميم، نيرومندى داد و بظاهر در چشم ديگران ناتوانشان نمود. با قناعتى كه دلها و ديدگان را از بى نيازى پرسازد و بينوايى و فقرى كه چشمها و گوشها را بيازارد.
- اگر پيامبران را نيرويى بود، چنانكه، كس را ياراى ستيز با آنان نبود و يا عزّت و جاهى بود كه مورد ستم واقع نمى شدند يا سلطنتى بود، كه مردم به سويشان گردن مى كشيدند تا هيبت و شوكتشان را بنگرند و از هر سو بار سفر بسته آهنگ ايشان مى نمودند، در اين حال مردم اندرزهايشان را آسانتر مى پذيرفتند و در برابر آنان كمتر سركشى مى كردند،
- آن گاه به آنان ايمان مى آوردند و اين ايمان يا از وحشتى بود كه بر آنها چيره شده بود يا رغبتى بود كه به ايمانشان متمايل كرده بود. يعنى نيتهايشان خالص نبود و اعمال نيكشان ميان مؤمن حقيقى و ظاهرى منقسم شده بود.
- اما خداوند مى خواهد كه پيروى از رسولانش و تصديق به كتابهايش و خشوع در برابرش و فروتنى در برابر فرمانش و تسليم به طاعتش امورى باشند خاصّ او و از هر شايبه و آميزه اى پاك
- كه هر چه آزمايش بزرگتر باشد ثواب و جزاى آن بيشتر خواهد بود.
- آيا نمى بينيد كه خداوند سبحان پيشينيان را از زمان آدم (علیه السلام) تا كسانى كه پس از آنها آمده اند از اين عالم بيازمود، به سنگهايى كه نه سود مى رسانيدند و نه زيان، نه مى ديدند و نه مى شنيدند، و آن سنگها را بيت الحرام خود قرار داد و آن را براى مردم برپا ساخت
- در سخت ترين سنگلاخهاى زمين در ريگزارى كه در آنجا از هر جاى ديگر كمتر گياه مى رويد. در درّه اى از ديگر درّه ها تنگتر، بين كوههاى سخت و ريگهاى نرم، آنسان، كه گذر كردن از آنها دشوار باشد و چشمه هاى كم آب و دهكده هاى دور از يكديگر كه در آنجا نه اشترى فربه مى شود و نه اسب و گاو و گوسفندى.
- آدم (علیه السلام) و فرزندان او را فرمان داد كه به آن خانه روى نهند و آنجا بازارگاهى شد براى كسانى كه در سفرها در پى سودند و بارگاهى براى افكندن بارها.
- مردم، شتابان روى به بيت الحرام آوردند. از بيابانهاى بى آب و گياه و از عمق درّه هاى ژرف و جزيره هاى پراكنده و درياها. تا از روى خوارى شانه هاى خود را بجنبانند و گرد آن بگردند و آواز به تهليل بردارند. موى پريشان و خاك آلود، نه دوان و نه آهسته گام بردارند
- جامه ها از تن به در كنند و با رها كردن موى، چهره نيكوى خود را زشت نمايند. اين است آزمايش بزرگ و امتحانى سخت و آزمونى آشكار. خداوند آن را سبب رحمت خود ساخت و وسيله رسيدن به بهشت خويش.
- اگر خداى مى خواست بيت الحرام خود را و پرستشگاههاى بزرگش را در ميان باغها و نهرها قرار مى داد و در جايى كه زمين نرم و هموار باشد، در مكانى پر درخت و درختان سرشار از ميوه. در ميان خانه ها و عمارات بسيار و روستاهاى به هم پيوسته.
- در ميان گندمزارهاى قهوه اى رنگ و اراضى پرباران و باغستانهاى خرم و راههاى آباد. در اين حال، پاداش اندك بود، زيرا رنج سفر اندك بود.
- اگر بنيانى كه كعبه بر روى آن ساخته شده و سنگهايى كه ديوارهايش را برآورده، زمرد سبز و ياقوت سرخ و نور و روشنى بود، از دودليها و ترديدهايى كه در سينه ها جارى كرده مى كاست و سعى و كوشش شيطان را از دلها دور مى ساخت و اضطراب و نگرانى را از قلب مردم مى زدود.
- ولى خداوند بندگانش را به گونه گونه سختى مى آزمايد و به انواع مجاهدتها به بندگى وامى دارد. و به كارهاى ناخوش آيند امتحان مى كند تا تكبر و خودپسندى را از دلهايشان بيرون كند و خوارى و فروتنى را جانشين آن سازد.
- اينهاست درهايى كه به عوالم فضل و احسان او گشوده مى شود و سببهايى مهيا براى آنكه بندگانش را بيامرزد و گناهانشان را ببخشايد.
- خدا را، بترسيد از تبهكارى در اين جهان و كيفر ستمگرى در آن جهان، و از سرانجام بد خودخواهى و خودپسندى كه دام بزرگ ابليس است. حيله و مكر او بر دلها چنگ مى افكند، آنسان، كه زهر كشنده.
- او در كار خود ناتوان نگردد و در كشتن، شمشيرش خطا نكند و كس را از فريب خود مجال رهايى ندهد، خواه عالمى باشد، به سبب علمش يا بينوايى باشد، در جامه كهنه اش.
- خداوند بندگان مؤمن خود را از دامهاى شيطان نگه مى دارد، به نمازها و زكاتها و مجاهدتها در گرفتن روزه در روزهايى كه واجب است. تا جسمشان آرامش يابد و در ديدگانشان خشوع آشكار شود و در نفسهاشان فروتنى پديد آيد. و آتش شهوت در دلهاشان فروكش كند و كبر و نخوت از آنان دور شود.
- زيرا در نماز است كه به تواضع چهره هاى نيكو به خاك مى آلايند و براى اظهار خردى، اعضا و جوارح بر زمين مى سايند و شكمها در روزه دارى، از روى خضوع، به پشت مى چسبند. و در زكات است كه ثمرات زمين و غير آن به مستمندان و مسكينان داده مى شود.
- بنگريد، كه در اين كارها چه فوايدى نهفته است، از سركوبى كبر و غرور، آن گاه كه تازه سر بر مى دارد و دفع خودپسندى آن گاه كه تازه مجال ظهور مى يابد.
- نگريستم و هيچيك از مردم جهان را نديدم كه در چيزى تعصب ورزد، مگر آنكه تعصبش را علت و سببى بود، كه يا فريب و اشتباه نادانان را در برداشت يا تراوشهاى ذهن مشتى مردم بيخرد را. و اينها شما نيستيد، زيرا شما به چيزى تعصب مى ورزيد كه سبب و علتش ناشناخته است.
- شيطان به سبب اصل و نژاد خود بر آدم تعصب ورزيد و گردنكشى كرد. بر آفرينش او طعن زد و گفت كه من از آتش آفريده شده ام و تو از گل. و توانگران و صاحب نعمتان، تعصبشان به مال و ثروت خود بود. چون خود را در آن همه نعمت و آسايش ديدند گفتند: «ما را مال و فرزند بيش است و ما عذاب نمى شويم»
- پس اگر بناگزير تعصبى بايد، تعصبتان به خصال والا و كارهاى پسنديده باشد،
- كه بزرگواران و دلير مردان از خاندانهاى عرب و سروران و مهتران قبايل به آن خصال و صفات بر يكديگر برترى مى جستند. چون نيكخويى و خردمندى فراوان و توانايى در كارهاى بزرگ و رفتارهاى پسنديده.
- شما نيز اگر تعصب مى ورزيد، بايد كه در خصال پسنديده بود، چون پناه دادن كسانى كه به شما پناه مى آورند و وفاى به عهد و پيمان و اطاعت از نيكان و نافرمانى در برابر متكبران و انتخاب فضايل و دورى از ستم و رذايل و پرهيز از قتل و عدالت با مردم و فرو خوردن خشم و اجتناب از فساد كردن در زمين.
- و بترسيد از عذابهايى كه در اثر رفتارهاى ناپسند و كردارهاى نكوهيده بر امتهاى پيش از شما رسيده است. پس بياد آريد، احوال نيك و بد آنان را و حذر كنيد از اين كه همانند آنان باشيد. چون در تفاوت حالاتشان انديشيديد، روشى را برگزينيد كه به سبب آن مقامشان ارجمندى يافت
- و دشمنانشان از سرشان رانده شد و عافيت بر سرشان سايه گسترد و نعمت مطيع و منقادشان شد. و به بركت آن كرامت، رشته اتحاد در ميانشان استوار گرديد و از تفرقه اجتناب كردند و الفت و مهربانى را شعار خود ساختند و يكديگر را بر آن تحريض نمودند و سفارش كردند،
- و از هر كارى كه پشتشان را مى شكست و بنيان قدرتشان را سست مى نمود، چون رخنه كردن كينه ها در دلها و افروخته شدن آتش عداوتها در سينه ها و از يكديگر روى گردانيدن و از يارى هم دست كشيدن، دورى نمودند.
- پس در احوال مؤمنانى كه پيش از شما مى زيستند، تأمّل كنيد. كه در هنگام آزمون و رنج چگونه بودند. آيا از همه آفريدگان بارشان سنگينتر و از همه بندگان خدا به هنگام آزمايش كوشنده تر نبودند و زندگيشان از همه مردم جهان تنگتر نبود
- فرعونان آنان را برده خود مى ساختند و سخت شكنجه شان مى نمودند و شرنگ جانگزا، جرعه جرعه، به كامشان مى ريختند و همواره با خوارى و هلاكت دست به گريبان بودند. و مقهور قهر و غلبه آنان. براى سر بر تافتن از ستم چاره اى نمى دانستند و دفاع از خود را راهى نمى شناختند.
- تا آن گاه كه خداى سبحان ديد كه چگونه در راه محبت او، بر آن همه آزار، شكيبايى مى ورزند و چسان از خوف او هر ناگوارى را تحمل مى كنند.
- پس از آن تنگناهاى بلا، راهشان را بگشود و خواريشان را به عزّت بدل نمود و وحشتشان را به ايمنى، پادشاهان و حاكمان شدند و پيشوايانى سرفراز. كرامت خداوندى در حق ايشان به جايى رسيد كه هرگز آرزوى آن را در دل نپرورده بودند.
- بنگر كه حال آنان چگونه بود، آن گاه كه جماعتشان متفق بودند و آرايشان يكى بود و شمشيرهاشان آخته به يارى هم. و ديده بصيرتشان ژرف نگر و عزم و آهنگشان يگانه بود.
- آيا در آن روزگاران مهتران روى زمين و ملوك فرمانروا بر مردم جهان نبودند
- آن گاه به پايان كارشان بنگريد، زمانى كه ميانشان تفرقه افتاد و الفتشان به پراكندگى كشيد و ميان آنها به دل و زبان خلاف و پراكندگى افتاد. با يكديگر به نزاع برخاستند
- و خداوند جامه كرامت خود از تنشان به در كرد و نعمت سرشارش را از آنان بستد. داستانشان در ميان شما بماند تا مگر عبرت گيرندگان عبرت گيرند.
- از حال فرزندان اسماعيل و اسحاق و فرزندان اسرائيل [درود بر آنان ] پند گيريد حالاتشان چه به هم شبيه است و شباهتشان نزديك. در كار آنها بينديشيد و به پراكندگى و تفرقه آنها در روزگارى كه كسراها و قيصرها سرورانشان بودند.
- آنها را از آباديهاى آفاق و درياى عراق و اراضى سبز و خرم مى راندند و به جايهايى كه «درمنه» مى رويد و بادهاى سخت مى وزد، مى فرستادند و آنان گرفتار زندگى سخت و ناگوارى شدند. آنان را، چون گروهى درويش و مسكين با چند اشتر پشت ريش و مشتى كرك رها كردند. از حيث مساكنشان، خوارترين ملتها بودند و سرزمينشان بى آب و گياه ترين زمينها.
- نه به دعوتى پيوسته بودند، كه بر آن تعصب ورزند و نه سايه سار محبتى داشتند، كه در آنجا بيارامند و به عزّت و ارجمندى متكى شوند.
- احوالشان پريشان بود و آرايشان گونه گون. با آنكه به شمار بيش بودند، در پراكندگى مى زيستند، گرفتار بلاهاى سخت و نادانيهاى تو بر تو، چون زنده به گور كردن دختران و پرستش بتان و بريدن از خويش و پيوند و رفتن در پى غارت و تاراج.
- سپس اين قوم را بنگريد، آن گاه كه خداوند نعمتهاى خويش به آنان ارزانى داشت و برايشان پيامبرى فرستاد و آنان را فرمانبردار آيين او نمود و به دعوت او پراكندگيهاشان را به يگانگى بدل كرد.
- و نعمت، بال كرامت بر سرشان بگسترد و جويبارهاى خود را به سويشان روان داشت. دين خدا آنان را در سودها و بركات خود درپيچيد. در نعمت اسلام غرقه شدند و در مرغزارهاى زندگى خوش به شادمانى بيارميدند.
- در سايه سلطانى قاهر و غالب كارهاشان به سامان آمد و حالشان به گونه اى نيكو شد كه در كنف عزّت و پيروزمندى جاى گرفتند. كارها به آسانى مى راندند و بر اوج اقتدار جاى گرفتند
- و بر همه جهانيان فرمانروا شدند. پادشاهانى شدند فرمانروا بر سراسر زمين. از هر كس كه بر آنها فرمان رانده بود، فرمانروايى بستدند و كسانى را كه روزگارى بر آنان حكومت مى كردند به زير فرمان در آوردند.
- ديگر نه كسى را انديشه آن بود كه نيزه اى بر آنان راند و نه سنگى به سوى ايشان افكند.
- بدانيد كه شما بند طاعت اسلام از دستها گشوديد و آن دژ خدايى را كه گرداگردتان را فرا گرفته بود با به كار بستن احكام جاهليت، سوراخ كرديد.
- خداى سبحان بر جماعت اين امت منت نهاد، آن گاه كه ميانشان عقد الفت بست.
- الفتى كه در سايه آن قدم مى زدند و در پناه آن مى آرميدند. همراه با نعمتى كه هيچيك از آفريدگان بهاى آن ندانند، زيرا بهايش از هر بهايى بيش است و ارجش از هر ارجمندى برتر.
- بدانيد كه شما بعد از هجرت بار ديگر شيوه اعراب باديه نشين را پيش گرفتيد و پس از عقد مودت گروه گروه شديد. از اسلام تنها نام آن بر خود بستيد و از ايمان تنها به ظاهر آن بسنده كرديد.
- مى گوييد: آتش، آرى و ننگ و عار، نه. گويى مى خواهيد كه چهره اسلام را وارونه سازيد و پرده حرمتش بردريد و پيمانى را كه خدا با شما بسته است بگسليد.
- همان پيمان كه آن را در زمين پناهگاه خود ساخت و جاى امن و آسايش در ميان آفريدگان خود قرار داد.
- اگر از اسلام به غير اسلام پناه جوييد كافران به پيكار شما خواهند خاست. نه جبرئيل به ياريتان خواهد آمد و نه ميكائيل، نه مهاجران و نه انصار. و ياورى جز ضربه هاى شمشير نخواهيد داشت تا آن گاه كه خدا در ميان شما حكم كند.
- هر آينه، شما را نمونه هاى عبرت آميزى است، از عذابهاى و سختيهاى كوبنده الهى بر امتهاى پيشين و روزهاى نزول عذاب و حوادث سخت او.
- فرا رسيدن عذاب خدا را دير مى نگاريد، بدين بهانه كه از مؤاخذه او بيخبريد يا خشم و غضب او را سهل مى شماريد و چنان پنداريد كه عذاب او به شما نخواهد رسيد.
- خداوند سبحان گذشتگان را كه پيش از شما بودند، از رحمت خود دور نساخت، مگر بدين سبب كه امر به معروف و نهى از منكر را ترك كردند. خداوند سفيهان را به خاطر ارتكاب معاصى و اهل خرد را به سبب واگذاشتن نهى از منكر لعنت نموده است.
- آگاه باشيد كه شما رشته اسلام را بريده ايد و حدود آن را اجرا نكرده ايد و احكامش را ميرانده ايد.
- بدانيد كه خدا مرا به جنگ با سركشان و پيمان شكنان و كسانى كه در زمين فساد مى كنند، فرمان داده است و من با پيمان شكنان جنگيدم و با آنان كه حق را واگذاشتند، جهاد كردم و بيرون شدگان از دين را خوار و زبون نمودم.
- اما شيطان ردهه با بانگى كه بر او زدم، كارش را تمام كردم. بانگى كه در اثر آن صداى قلبش را و لرزش سينه اش را شنيدم. بقيتى از باغيان و تجاوزگران باقى مانده اند، اگر خدا مرا اجازت دهد باز بر آنها مى تازم و دولتشان را مى ستانم، جز اندك مردمى از ايشان كه در اطراف زمين پراكنده باشند.
- من در خردى پشت عرب را به خاك رسانيدم و شاخهاى ربيعه و مضر را شكستم
- و شما از منزلت من در نزد رسول الله آگاه هستيد، هم از جهت خويشاوندى و هم از جهت حرمت خاصى كه براى من مى شناخت. من خردسال بودم كه مرا در كنار خود مى نشاند و بر سينه خود مى چسباند و در بستر خود مى خوابانيد و تن من به تن او مى ساييد و بوى خوش خود را به مشام من مى رسانيد.
- گاه چيزى را مى جويد و در دهان من مى نهاد. او هرگز نه دروغى را از من شنيد و نه در رفتارم خطايى ديد. از آن زمان كه رسول الله (صلى الله عليه و آله) از شير باز گرفته شد،
- خداوند، بزرگترين ملك خود را شب و روز همنشين او ساخت تا او را به راه بزرگواريها و خصال و اخلاق نيكو برد.
- من همواره، چون بچه شترى كه در پى مادر رود در پى او مى رفتم و او هر روز يكى از صفات پسنديده اش را بر من آشكار مى نمود و مرا مى فرمود كه بدان اقتدا كنم.
- هر سال در غار حراء، زمانى چند خلوت مى گزيد. من او را مى ديدم و جز من كسى نمى ديد. روزگارى جز خانه اى كه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و خديجه و من در آن مى زيستيم، اسلام را ديگر خانه اى نبود. نور وحى و رسالت را به چشم مى ديدم و بوى نبوت را مى شنيدم.
- هنگامى كه وحى نازل مى شد صداى ناله شيطان را مى شنيدم. مى پرسيدم يا رسول الله، اين صداى چيست مى گفت كه صداى شيطان است، از اين كه او را بپرستند، نوميد شده است.
- تو هم مى شنوى، هر چه من مى شنوم و مى بينى آنچه من مى بينم، جز آنكه تو پيامبر نيستى ولى تو وزير منى، تو به راه خير مى روى.
- من با آن حضرت (صلى الله عليه و آله) بودم كه گروهى از بزرگان قريش بيامدند و گفتند: يا محمد تو ادعاى بزرگى كرده اى كه نه پدرانت چنان كرده بودند و نه يكى از خاندانت.
- ما از تو چيزى مى خواهيم كه اگر بپذيرى و به ما نشان بدهى، دانيم كه تو پيامبر و فرستاده او هستى و اگر نكنى دانيم كه جادوگر و دروغگويى.
- پيامبر (صلى الله عليه و آله) پرسيد: چه مى خواهيد، گفتند: اين درخت را فراخوان تا از ريشه به در آيد و بيايد و پيش روى تو بايستد. پيامبر (صلی الله علیه و آله و سلم) گفت: خدا بر هر كارى تواناست. آيا اگر خدا براى شما چنين كند، ايمان مى آوريد و به حق شهادت مى دهيد گفتند: آرى،
- گفت: اكنون هر چه خواسته ايد به شما نشان خواهم داد. ولى مى دانم كه به راه خير باز نمى گرديد. در ميان شما كسى است كه به چاه قليب افكنده شود و كسى است كه گروهها را گرد آورد.
- سپس گفت: اى درخت، اگر به خدا و روز جزا ايمان دارى و مى دانى كه پيامبر خدا هستم، به اذن خداى از ريشه به در آى و بيا و در برابر من بايست.
- سوگند به كسى كه او را به رسالت مبعوث داشته، درخت از جاى برآمد و بيامد. آوازى سخت داشت و چون پرندگان بال زنان بيامد و در برابر رسول الله (صلى الله عليه و آله) بايستاد
- و شاخه هاى بالاى خود را بر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) سايبان ساخت و يكى از شاخه هايش را بر شانه من نهاد كه در طرف راست آن حضرت (صلی الله علیه و آله و سلم) بودم.
- مردم به آن نگريستند و از روى بلندگرايى و گردنكشى گفتند: اكنون فرمانش ده كه نيمى از آن نزد تو آيد و آن نيم ديگر برجاى بماند. پيامبر (صلی الله علیه و آله و سلم) فرمان داد. نيمى از درخت با رفتارى عجيب و آوازى بلندتر، نزد او آمد. آن قدر كه نزديك بود به گرد او پيچيده شود.
- آنها از روى كبر و سركشى گفتند: حال بفرماى تا به نيم ديگر خود ملحق شود. پس پيامبر (صلی الله علیه و آله و سلم) امر فرمود و درخت بازگشت.
- من گفتم: لا اله الا الله. من نخستين كسى هستم كه به تو ايمان آورده ام. اى رسول خدا و نخستين كسى هستم كه گواهى مى دهم كه به امر خداى تعالى براى تصديق نبوت تو و ارج نهادن بر سخن تو، درخت چه كرد.
- همه آن قوم گفتند كه اين مرد جادوگرى دروغگوست. شگفت جادوگرى و در جادوگرى چه سبك دست. آنها گفتند: آيا جز همانند اين [مقصودشان من بودم ] كسى تو را در كارت تصديق كند
- من از قومى هستم كه ملامت هيچ ملامتگرى آنان را از راه خداى باز نمى دارد.
- چهره آنان چهره راستگويان است و سخنشان سخن نيكان. شب را به عبادت بيدارند و روزها، مردم را چراغ هدايت اند. چنگ در ريسمان قرآن زده اند و سنتهاى خدا و سنتهاى پيامبرش را زنده نگه مى دارند.
- نه گردنكشى مى كنند و نه برترى مى فروشند.
- از نادرستى و تبهكارى به دورند. دلهايشان در بهشت است و تنهايشان در كار عبادت.