192- و من خطبة له ( عليه السلام ) تسمى القاصعة و هي تتضمن ذم إبليس لعنه اللّه، على استكباره و تركه السجود لآدم عليه السلام، و أنه أول من أظهر العصبية و تبع الحمية، و تحذير الناس من سلوك طريقته :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَ الْكِبْرِيَاءَ وَ اخْتَارَهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ وَ جَعَلَهُمَا حِمًى وَ حَرَماً عَلَى غَيْرِهِ وَ اصْطَفَاهُمَا لِجَلَالِهِ .
رأس العصيان
وَ جَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلَائِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ لِيَمِيزَ الْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ هُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ وَ مَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بِخَلْقِهِ وَ تَعَصَّبَ عَلَيْهِ لِأَصْلِهِ فَعَدُوُّ اللَّهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ وَ سَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ وَ نَازَعَ اللَّهَ رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ وَ ادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ وَ خَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ أَ لَا تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اللَّهُ بِتَكَبُّرِهِ وَ وَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ فَجَعَلَهُ فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً وَ أَعَدَّ لَهُ فِي الْآخِرَةِ سَعِيراً .
ابتلاء اللّه لخلقه
وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُورٍ يَخْطَفُ الْأَبْصَارَ ضِيَاؤُهُ وَ يَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُهُ وَ طِيبٍ يَأْخُذُ الْأَنْفَاسَ عَرْفُهُ لَفَعَلَ وَ لَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَهُ الْأَعْنَاقُ خَاضِعَةً وَ لَخَفَّتِ الْبَلْوَى فِيهِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ تَمْيِيزاً بِالِاخْتِبَارِ لَهُمْ وَ نَفْياً لِلِاسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ وَ إِبْعَاداً لِلْخُيَلَاءِ مِنْهُمْ .
طلب العبرة
فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِإِبْلِيسَ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّوِيلَ وَ جَهْدَهُ الْجَهِيدَ وَ كَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّهَ سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ لَا يُدْرَى أَ مِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الْآخِرَةِ عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ كَلَّا مَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَ أَهْلِ الْأَرْضِ لَوَاحِدٌ وَ مَا بَيْنَ اللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ حِمًى حَرَّمَهُ عَلَى الْعَالَمِينَ .
التحذير من الشيطان
فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّهِ عَدُوَّ اللَّهِ أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ وَ أَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ بِنِدَائِهِ وَ أَنْ يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَ رَجِلِهِ فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِيدِ وَ أَغْرَقَ إِلَيْكُمْ بِالنَّزْعِ الشَّدِيدِ وَ رَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ فَقَالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ وَ رَجْماً بِظَنٍّ غَيْرِ مُصِيبٍ صَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ الْحَمِيَّةِ وَ إِخْوَانُ الْعَصَبِيَّةِ وَ فُرْسَانُ الْكِبْرِ وَ الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى إِذَا انْقَادَتْ لَهُ الْجَامِحَةُ مِنْكُمْ وَ اسْتَحْكَمَتِ الطَّمَاعِيَّةُ مِنْهُ فِيكُمْ فَنَجَمَتِ الْحَالُ مِنَ السِّرِّ الْخَفِيِّ إِلَى الْأَمْرِ الْجَلِيِّ اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُهُ عَلَيْكُمْ وَ دَلَفَ بِجُنُودِهِ نَحْوَكُمْ فَأَقْحَمُوكُمْ وَلَجَاتِ الذُّلِّ وَ أَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ الْقَتْلِ وَ أَوْطَئُوكُمْ إِثْخَانَ الْجِرَاحَةِ طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ وَ حَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ وَ دَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ وَ قَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ وَ سَوْقاً بِخَزَائِمِ الْقَهْرِ إِلَى النَّارِ الْمُعَدَّةِ لَكُمْ فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ فِي دِينِكُمْ حَرْجاً وَ أَوْرَى فِي دُنْيَاكُمْ قَدْحاً مِنَ الَّذِينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِينَ وَ عَلَيْهِمْ مُتَأَلِّبِينَ فَاجْعَلُوا عَلَيْهِ حَدَّكُمْ وَ لَهُ جِدَّكُمْ فَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ فَخَرَ عَلَى أَصْلِكُمْ وَ وَقَعَ فِي حَسَبِكُمْ وَ دَفَعَ فِي نَسَبِكُمْ وَ أَجْلَبَ بِخَيْلِهِ عَلَيْكُمْ وَ قَصَدَ بِرَجِلِهِ سَبِيلَكُمْ يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ وَ يَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ لَا تَمْتَنِعُونَ بِحِيلَةٍ وَ لَا تَدْفَعُونَ بِعَزِيمَةٍ فِي حَوْمَةِ ذُلٍّ وَ حَلْقَةِ ضِيقٍ وَ عَرْصَةِ مَوْتٍ وَ جَوْلَةِ بَلَاءٍ فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ وَ أَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ وَ نَخَوَاتِهِ وَ نَزَغَاتِهِ وَ نَفَثَاتِهِ وَ اعْتَمِدُوا وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلَى رُءُوسِكُمْ وَ إِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ وَ خَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ وَ اتَّخِذُوا التَّوَاضُعَ مَسْلَحَةً بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْلِيسَ وَ جُنُودِهِ فَإِنَّ لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ جُنُوداً وَ أَعْوَاناً وَ رَجِلًا وَ فُرْسَاناً وَ لَا تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ عَلَى ابْنِ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَهُ اللَّهُ فِيهِ سِوَى مَا أَلْحَقَتِ الْعَظَمَةُ بِنَفْسِهِ مِنْ عَدَاوَةِ الْحَسَدِ وَ قَدَحَتِ الْحَمِيَّةُ فِي قَلْبِهِ مِنْ نَارِ الْغَضَبِ وَ نَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي أَنْفِهِ مِنْ رِيحِ الْكِبْرِ الَّذِي أَعْقَبَهُ اللَّهُ بِهِ النَّدَامَةَ وَ أَلْزَمَهُ آثَامَ الْقَاتِلِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
التحذير من الكبر
أَلَا وَ قَدْ أَمْعَنْتُمْ فِي الْبَغْيِ وَ أَفْسَدْتُمْ فِي الْأَرْضِ مُصَارَحَةً لِلَّهِ بِالْمُنَاصَبَةِ وَ مُبَارَزَةً لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْمُحَارَبَةِ فَاللَّهَ اللَّهَ فِي كِبْرِ الْحَمِيَّةِ وَ فَخْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مَلَاقِحُ الشَّنَئَانِ وَ مَنَافِخُ الشَّيْطَانِ الَّتِي خَدَعَ بِهَا الْأُمَمَ الْمَاضِيَةَ وَ الْقُرُونَ الْخَالِيَةَ حَتَّى أَعْنَقُوا فِي حَنَادِسِ جَهَالَتِهِ وَ مَهَاوِي ضَلَالَتِهِ ذُلُلًا عَنْ سِيَاقِهِ سُلُساً فِي قِيَادِهِ أَمْراً تَشَابَهَتِ الْقُلُوبُ فِيهِ وَ تَتَابَعَتِ الْقُرُونُ عَلَيْهِ وَ كِبْراً تَضَايَقَتِ الصُّدُورُ بِهِ .
التحذير من طاعة الكبراء
أَلَا فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ سَادَاتِكُمْ وَ كُبَرَائِكُمْ الَّذِينَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ وَ تَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ وَ أَلْقَوُا الْهَجِينَةَ عَلَى رَبِّهِمْ وَ جَاحَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا صَنَعَ بِهِمْ مُكَابَرَةً لِقَضَائِهِ وَ مُغَالَبَةً لِآلَائِهِ فَإِنَّهُمْ قَوَاعِدُ أَسَاسِ الْعَصَبِيَّةِ وَ دَعَائِمُ أَرْكَانِ الْفِتْنَةِ وَ سُيُوفُ اعْتِزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ لَا تَكُونُوا لِنِعَمِهِ عَلَيْكُمْ أَضْدَاداً وَ لَا لِفَضْلِهِ عِنْدَكُمْ حُسَّاداً وَ لَا تُطِيعُوا الْأَدْعِيَاءَ الَّذِينَ شَرِبْتُمْ بِصَفْوِكُمْ كَدَرَهُمْ وَ خَلَطْتُمْ بِصِحَّتِكُمْ مَرَضَهُمْ وَ أَدْخَلْتُمْ فِي حَقِّكُمْ بَاطِلَهُمْ وَ هُمْ أَسَاسُ الْفُسُوقِ وَ أَحْلَاسُ الْعُقُوقِ اتَّخَذَهُمْ إِبْلِيسُ مَطَايَا ضَلَالٍ وَ جُنْداً بِهِمْ يَصُولُ عَلَى النَّاسِ وَ تَرَاجِمَةً يَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ اسْتِرَاقاً لِعُقُولِكُمْ وَ دُخُولًا فِي عُيُونِكُمْ وَ نَفْثاً فِي أَسْمَاعِكُمْ فَجَعَلَكُمْ مَرْمَى نَبْلِهِ وَ مَوْطِئَ قَدَمِهِ وَ مَأْخَذَ يَدِهِ .
العبرة بالماضين
فَاعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ الْأُمَمَ الْمُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَ صَوْلَاتِهِ وَ وَقَائِعِهِ وَ مَثُلَاتِهِ وَ اتَّعِظُوا بِمَثَاوِي خُدُودِهِمْ وَ مَصَارِعِ جُنُوبِهِمْ وَ اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ لَوَاقِحِ الْكِبْرِ كَمَا تَسْتَعِيذُونَهُ مِنْ طَوَارِقِ الدَّهْرِ فَلَوْ رَخَّصَ اللَّهُ فِي الْكِبْرِ لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ لَرَخَّصَ فِيهِ لِخَاصَّةِ أَنْبِيَائِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ وَ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ كَرَّهَ إِلَيْهِمُ التَّكَابُرَ وَ رَضِيَ لَهُمُ التَّوَاضُعَ فَأَلْصَقُوا بِالْأَرْضِ خُدُودَهُمْ وَ عَفَّرُوا فِي التُّرَابِ وُجُوهَهُمْ وَ خَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ كَانُوا قَوْماً مُسْتَضْعَفِينَ قَدِ اخْتَبَرَهُمُ اللَّهُ بِالْمَخْمَصَةِ وَ ابْتَلَاهُمْ بِالْمَجْهَدَةِ وَ امْتَحَنَهُمْ بِالْمَخَاوِفِ وَ مَخَضَهُمْ بِالْمَكَارِهِ فَلَا تَعْتَبِرُوا الرِّضَى وَ السُّخْطَ بِالْمَالِ وَ الْوَلَدِ جَهْلًا بِمَوَاقِعِ الْفِتْنَةِ وَ الِاخْتِبَارِ فِي مَوْضِعِ الْغِنَى وَ الِاقْتِدَارِ فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ بِأَوْلِيَائِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ .
تواضع الأنبياء
وَ لَقَدْ دَخَلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَ مَعَهُ أَخُوهُ هَارُونُ ( عليه السلام ) عَلَى فِرْعَوْنَ وَ عَلَيْهِمَا مَدَارِعُ الصُّوفِ وَ بِأَيْدِيهِمَا الْعِصِيُّ فَشَرَطَا لَهُ إِنْ أَسْلَمَ بَقَاءَ مُلْكِهِ وَ دَوَامَ عِزِّهِ فَقَالَ أَ لَا تَعْجَبُونَ مِنْ هَذَيْنِ يَشْرِطَانِ لِي دَوَامَ الْعِزِّ وَ بَقَاءَ الْمُلْكِ وَ هُمَا بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ وَ الذُّلِّ فَهَلَّا أُلْقِيَ عَلَيْهِمَا أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وَ جَمْعِهِ وَ احْتِقَاراً لِلصُّوفِ وَ لُبْسِهِ وَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِأَنْبِيَائِهِ حَيْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ وَ مَعَادِنَ الْعِقْيَانِ وَ مَغَارِسَ الْجِنَانِ وَ أَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ وَ وُحُوشَ الْأَرَضِينَ لَفَعَلَ وَ لَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ وَ بَطَلَ الْجَزَاءُ وَ اضْمَحَلَّتِ الْأَنْبَاءُ وَ لَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلِينَ أُجُورُ الْمُبْتَلَيْنَ وَ لَا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ وَ لَا لَزِمَتِ الْأَسْمَاءُ مَعَانِيَهَا وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أُولِي قُوَّةٍ فِي عَزَائِمِهِمْ وَ ضَعَفَةً فِيمَا تَرَى الْأَعْيُنُ مِنْ حَالَاتِهِمْ مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلَأُ الْقُلُوبَ وَ الْعُيُونَ غِنًى وَ خَصَاصَةٍ تَمْلَأُ الْأَبْصَارَ وَ الْأَسْمَاعَ أَذًى وَ لَوْ كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لَا تُرَامُ وَ عِزَّةٍ لَا تُضَامُ وَ مُلْكٍ تُمَدُّ نَحْوَهُ أَعْنَاقُ الرِّجَالِ وَ تُشَدُّ إِلَيْهِ عُقَدُ الرِّحَالِ لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَى الْخَلْقِ فِي الِاعْتِبَارِ وَ أَبْعَدَ لَهُمْ فِي الِاسْتِكْبَارِ وَ لَآمَنُوا عَنْ رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ فَكَانَتِ النِّيَّاتُ مُشْتَرَكَةً وَ الْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً وَ لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّبَاعُ لِرُسُلِهِ وَ التَّصْدِيقُ بِكُتُبِهِ وَ الْخُشُوعُ لِوَجْهِهِ وَ الِاسْتِكَانَةُ لِأَمْرِهِ وَ الِاسْتِسْلَامُ لِطَاعَتِهِ أُمُوراً لَهُ خَاصَّةً لَا تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ وَ كُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَى وَ الِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ الْمَثُوبَةُ وَ الْجَزَاءُ أَجْزَلَ .
الكعبة المقدسة
أَ لَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اخْتَبَرَ الْأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ ( صلوات الله عليه ) إِلَى الْآخِرِينَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ وَ لَا تَنْفَعُ وَ لَا تُبْصِرُ وَ لَا تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِيَاماً ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ حَجَراً وَ أَقَلِّ نَتَائِقِ الدُّنْيَا مَدَراً وَ أَضْيَقِ بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ قُطْراً بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ وَ رِمَالٍ دَمِثَةٍ وَ عُيُونٍ وَشِلَةٍ وَ قُرًى مُنْقَطِعَةٍ لَا يَزْكُو بِهَا خُفٌّ وَ لَا حَافِرٌ وَ لَا ظِلْفٌ ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ ( عليه السلام ) وَ وَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ وَ غَايَةً لِمُلْقَى رِحَالِهِمْ تَهْوِي إِلَيْهِ ثِمَارُ الْأَفْئِدَةِ مِنْ مَفَاوِزِ قِفَارٍ سَحِيقَةٍ وَ مَهَاوِي فِجَاجٍ عَمِيقَةٍ وَ جَزَائِرِ بِحَارٍ مُنْقَطِعَةٍ حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ ذُلُلًا يُهَلِّلُونَ لِلَّهِ حَوْلَهُ وَ يَرْمُلُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ شُعْثاً غُبْراً لَهُ قَدْ نَبَذُوا السَّرَابِيلَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَ شَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ الشُّعُورِ مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ ابْتِلَاءً عَظِيماً وَ امْتِحَاناً شَدِيداً وَ اخْتِبَاراً مُبِيناً وَ تَمْحِيصاً بَلِيغاً جَعَلَهُ اللَّهُ سَبَباً لِرَحْمَتِهِ وَ وُصْلَةً إِلَى جَنَّتِهِ وَ لَوْ أَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَضَعَ بَيْتَهُ الْحَرَامَ وَ مَشَاعِرَهُ الْعِظَامَ بَيْنَ جَنَّاتٍ وَ أَنْهَارٍ وَ سَهْلٍ وَ قَرَارٍ جَمَّ الْأَشْجَارِ دَانِيَ الثِّمَارِ مُلْتَفَّ الْبُنَى مُتَّصِلَ الْقُرَى بَيْنَ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ وَ رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَ أَرْيَافٍ مُحْدِقَةٍ وَ عِرَاصٍ مُغْدِقَةٍ وَ رِيَاضٍ نَاضِرَةٍ وَ طُرُقٍ عَامِرَةٍ لَكَانَ قَدْ صَغُرَ قَدْرُ الْجَزَاءِ عَلَى حَسَبِ ضَعْفِ الْبَلَاءِ وَ لَوْ كَانَ الْإِسَاسُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا وَ الْأَحْجَارُ الْمَرْفُوعُ بِهَا بَيْنَ زُمُرُّدَةٍ خَضْرَاءَ وَ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ وَ نُورٍ وَ ضِيَاءٍ لَخَفَّفَ ذَلِكَ مُصَارَعَةَ الشَّكِّ فِي الصُّدُورِ وَ لَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْلِيسَ عَنِ الْقُلُوبِ وَ لَنَفَى مُعْتَلَجَ الرَّيْبِ مِنَ النَّاسِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ وَ يَتَعَبَّدُهُمْ بِأَنْوَاعِ الْمَجَاهِدِ وَ يَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ الْمَكَارِهِ إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وَ إِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِي نُفُوسِهِمْ وَ لِيَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً إِلَى فَضْلِهِ وَ أَسْبَاباً ذُلُلًا لِعَفْوِهِ .
عود إلى التحذير
فَاللَّهَ اللَّهَ فِي عَاجِلِ الْبَغْيِ وَ آجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ وَ سُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ فَإِنَّهَا مَصْيَدَةُ إِبْلِيسَ الْعُظْمَى وَ مَكِيدَتُهُ الْكُبْرَى الَّتِي تُسَاوِرُ قُلُوبَ الرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ فَمَا تُكْدِي أَبَداً وَ لَا تُشْوِي أَحَداً لَا عَالِماً لِعِلْمِهِ وَ لَا مُقِلًّا فِي طِمْرِهِ وَ عَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ وَ الزَّكَوَاتِ وَ مُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الْأَيَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ تَسْكِيناً لِأَطْرَافِهِمْ وَ تَخْشِيعاً لِأَبْصَارِهِمْ وَ تَذْلِيلًا لِنُفُوسِهِمْ وَ تَخْفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ وَ إِذْهَاباً لِلْخُيَلَاءِ عَنْهُمْ وَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عِتَاقِ الْوُجُوهِ بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً وَ الْتِصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالْأَرْضِ تَصَاغُراً وَ لُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ مِنَ الصِّيَامِ تَذَلُّلًا مَعَ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْفَقْرِ .
فضائل الفرائض
انْظُرُوا إِلَى مَا فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ مِنْ قَمْعِ نَوَاجِمِ الْفَخْرِ وَ قَدْعِ طَوَالِعِ الْكِبْرِ وَ لَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ يَتَعَصَّبُ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا عَنْ عِلَّةٍ تَحْتَمِلُ تَمْوِيهَ الْجُهَلَاءِ أَوْ حُجَّةٍ تَلِيطُ بِعُقُولِ السُّفَهَاءِ غَيْرَكُمْ فَإِنَّكُمْ تَتَعَصَّبُونَ لِأَمْرٍ مَا يُعْرَفُ لَهُ سَبَبٌ وَ لَا عِلَّةٌ أَمَّا إِبْلِيسُ فَتَعَصَّبَ عَلَى آدَمَ لِأَصْلِهِ وَ طَعَنَ عَلَيْهِ فِي خِلْقَتِهِ فَقَالَ أَنَا نَارِيٌّ وَ أَنْتَ طِينِيٌّ.
عصبية المال
وَ أَمَّا الْأَغْنِيَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ الْأُمَمِ فَتَعَصَّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ فَ قالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ الْخِصَالِ وَ مَحَامِدِ الْأَفْعَالِ وَ مَحَاسِنِ الْأُمُورِ الَّتِي تَفَاضَلَتْ فِيهَا الْمُجَدَاءُ وَ النُّجَدَاءُ مِنْ بُيُوتَاتِ الْعَرَبِ وَ يَعَاسِيبِ القَبَائِلِ بِالْأَخْلَاقِ الرَّغِيبَةِ وَ الْأَحْلَامِ الْعَظِيمَةِ وَ الْأَخْطَارِ الْجَلِيلَةِ وَ الْآثَارِ الْمَحْمُودَةِ فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ وَ الْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ وَ الطَّاعَةِ لِلْبِرِّ وَ الْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ وَ الْأَخْذِ بِالْفَضْلِ وَ الْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ وَ الْإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ وَ الْإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ وَ الْكَظْمِ لِلْغَيْظِ وَ اجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَ احْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ بِسُوءِ الْأَفْعَالِ وَ ذَمِيمِ الْأَعْمَالِ فَتَذَكَّرُوا فِي الْخَيْرِ وَ الشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ وَ احْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِي تَفَاوُتِ حَالَيْهِمْ فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِهِ شَأْنَهُمْ وَ زَاحَتِ الْأَعْدَاءُ لَهُ عَنْهُمْ وَ مُدَّتِ الْعَافِيَةُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَ انْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَهُ مَعَهُمْ وَ وَصَلَتِ الْكَرَامَةُ عَلَيْهِ حَبْلَهُمْ مِنَ الِاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ وَ اللُّزُومِ لِلْأُلْفَةِ وَ التَّحَاضِّ عَلَيْهَا وَ التَّوَاصِي بِهَا وَ اجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ وَ أَوْهَنَ مُنَّتَهُمْ مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ وَ تَشَاحُنِ الصُّدُورِ وَ تَدَابُرِ النُّفُوسِ وَ تَخَاذُلِ الْأَيْدِي وَ تَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ التَّمْحِيصِ وَ الْبَلَاءِ أَ لَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلَائِقِ أَعْبَاءً وَ أَجْهَدَ الْعِبَادِ بَلَاءً وَ أَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالًا اتَّخَذَتْهُمُ الْفَرَاعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَ جَرَّعُوهُمُ الْمُرَارَ فَلَمْ تَبْرَحِ الْحَالُ بِهِمْ فِي ذُلِّ الْهَلَكَةِ وَ قَهْرِ الْغَلَبَةِ لَا يَجِدُونَ حِيلَةً فِي امْتِنَاعٍ وَ لَا سَبِيلًا إِلَى دِفَاعٍ حَتَّى إِذَا رَأَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى فِي مَحَبَّتِهِ وَ الِاحْتِمَالَ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ خَوْفِهِ جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ الْبَلَاءِ فَرَجاً فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ وَ الْأَمْنَ مَكَانَ الْخَوْفِ فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً وَ أَئِمَّةً أَعْلَاماً وَ قَدْ بَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ مَا لَمْ تَذْهَبِ الْآمَالُ إِلَيْهِ بِهِمْ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ كَانَتِ الْأَمْلَاءُ مُجْتَمِعَةً وَ الْأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً وَ الْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً وَ الْأَيْدِي مُتَرَادِفَةً وَ السُّيُوفُ مُتَنَاصِرَةً وَ الْبَصَائِرُ نَافِذَةً وَ الْعَزَائِمُ وَاحِدَةً أَ لَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً فِي أَقْطَارِ الْأَرَضِينَ وَ مُلُوكاً عَلَى رِقَابِ الْعَالَمِينَ فَانْظُرُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ فِي آخِرِ أُمُورِهِمْ حِينَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وَ تَشَتَّتَتِ الْأُلْفَةُ وَ اخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ وَ الْأَفْئِدَةُ وَ تَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ وَ تَفَرَّقُوا مُتَحَارِبِينَ وَ قَدْ خَلَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِهِ وَ سَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِهِ وَ بَقِيَ قَصَصُ أَخْبَارِهِمْ فِيكُمْ عِبَراً لِلْمُعْتَبِرِينَ .
الاعتبار بالأمم
فَاعْتَبِرُوا بِحَالِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَ بَنِي إِسْحَاقَ وَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ( عليهم السلام ) فَمَا أَشَدَّ اعْتِدَالَ الْأَحْوَالِ وَ أَقْرَبَ اشْتِبَاهَ الْأَمْثَالِ تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ فِي حَالِ تَشَتُّتِهِمْ وَ تَفَرُّقِهِمْ لَيَالِيَ كَانَتِ الْأَكَاسِرَةُ وَ الْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ يَحْتَازُونَهُمْ عَنْ رِيفِ الْآفَاقِ وَ بَحْرِ الْعِرَاقِ وَ خُضْرَةِ الدُّنْيَا إِلَى مَنَابِتِ الشِّيحِ وَ مَهَافِي الرِّيحِ وَ نَكَدِ الْمَعَاشِ فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ دَبَرٍ وَ وَبَرٍ أَذَلَّ الْأُمَمِ دَاراً وَ أَجْدَبَهُمْ قَرَاراً لَا يَأْوُونَ إِلَى جَنَاحِ دَعْوَةٍ يَعْتَصِمُونَ بِهَا وَ لَا إِلَى ظِلِّ أُلْفَةٍ يَعْتَمِدُونَ عَلَى عِزِّهَا فَالْأَحْوَالُ مُضْطَرِبَةٌ وَ الْأَيْدِي مُخْتَلِفَةٌ وَ الْكَثْرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ فِي بَلَاءِ أَزْلٍ وَ أَطْبَاقِ جَهْلٍ مِنْ بَنَاتٍ مَوْءُودَةٍ وَ أَصْنَامٍ مَعْبُودَةٍ وَ أَرْحَامٍ مَقْطُوعَةٍ وَ غَارَاتٍ مَشْنُونَةٍ .
النعمة برسول اللّه
فَانْظُرُوا إِلَى مَوَاقِعِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طَاعَتَهُمْ وَ جَمَعَ عَلَى دَعْوَتِهِ أُلْفَتَهُمْ كَيْفَ نَشَرَتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِمْ جَنَاحَ كَرَامَتِهَا وَ أَسَالَتْ لَهُمْ جَدَاوِلَ نَعِيمِهَا وَ الْتَفَّتِ الْمِلَّةُ بِهِمْ فِي عَوَائِدِ بَرَكَتِهَا فَأَصْبَحُوا فِي نِعْمَتِهَا غَرِقِينَ وَ فِي خُضْرَةِ عَيْشِهَا فَكِهِينَ قَدْ تَرَبَّعَتِ الْأُمُورُ بِهِمْ فِي ظِلِّ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ وَ آوَتْهُمُ الْحَالُ إِلَى كَنَفِ عِزٍّ غَالِبٍ وَ تَعَطَّفَتِ الْأُمُورُ عَلَيْهِمْ فِي ذُرَى مُلْكٍ ثَابِتٍ فَهُمْ حُكَّامٌ عَلَى الْعَالَمِينَ وَ مُلُوكٌ فِي أَطْرَافِ الْأَرَضِينَ يَمْلِكُونَ الْأُمُورَ عَلَى مَنْ كَانَ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِمْ وَ يُمْضُونَ الْأَحْكَامَ فِيمَنْ كَانَ يُمْضِيهَا فِيهِمْ لَا تُغْمَزُ لَهُمْ قَنَاةٌ وَ لَا تُقْرَعُ لَهُمْ صَفَاةٌ .
لوم العصاة
أَلَا وَ إِنَّكُمْ قَدْ نَفَضْتُمْ أَيْدِيَكُمْ مِنْ حَبْلِ الطَّاعَةِ وَ ثَلَمْتُمْ حِصْنَ اللَّهِ الْمَضْرُوبَ عَلَيْكُمْ بِأَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ امْتَنَّ عَلَى جَمَاعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِيمَا عَقَدَ بَيْنَهُمْ مِنْ حَبْلِ هَذِهِ الْأُلْفَةِ الَّتِي يَنْتَقِلُونَ فِي ظِلِّهَا وَ يَأْوُونَ إِلَى كَنَفِهَا بِنِعْمَةٍ لَا يَعْرِفُ أَحَدٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ لَهَا قِيمَةً لِأَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ كُلِّ ثَمَنٍ وَ أَجَلُّ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ وَ اعْلَمُوا أَنَّكُمْ صِرْتُمْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ أَعْرَاباً وَ بَعْدَ الْمُوَالَاةِ أَحْزَاباً مَا تَتَعَلَّقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا بِاسْمِهِ وَ لَا تَعْرِفُونَ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَّا رَسْمَهُ تَقُولُونَ النَّارَ وَ لَا الْعَارَ كَأَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُكْفِئُوا الْإِسْلَامَ عَلَى وَجْهِهِ انْتِهَاكاً لِحَرِيمِهِ وَ نَقْضاً لِمِيثَاقِهِ الَّذِي وَضَعَهُ اللَّهُ لَكُمْ حَرَماً فِي أَرْضِهِ وَ أَمْناً بَيْنَ خَلْقِهِ وَ إِنَّكُمْ إِنْ لَجَأْتُمْ إِلَى غَيْرِهِ حَارَبَكُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ ثُمَّ لَا جَبْرَائِيلُ وَ لَا مِيكَائِيلُ وَ لَا مُهَاجِرُونَ وَ لَا أَنْصَارٌ يَنْصُرُونَكُمْ إِلَّا الْمُقَارَعَةَ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَكُمْ وَ إِنَّ عِنْدَكُمُ الْأَمْثَالَ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَ قَوَارِعِهِ وَ أَيَّامِهِ وَ وَقَائِعِهِ فَلَا تَسْتَبْطِئُوا وَعِيدَهُ جَهْلًا بِأَخْذِهِ وَ تَهَاوُناً بِبَطْشِهِ وَ يَأْساً مِنْ بَأْسِهِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلَّا لِتَرْكِهِمُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَلَعَنَ اللَّهُ السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي وَ الْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ التَّنَاهِي أَلَا وَ قَدْ قَطَعْتُمْ قَيْدَ الْإِسْلَامِ وَ عَطَّلْتُمْ حُدُودَهُ وَ أَمَتُّمْ أَحْكَامَهُ أَلَا وَ قَدْ أَمَرَنِيَ اللَّهُ بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَ النَّكْثِ وَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ فَأَمَّا النَّاكِثُونَ فَقَدْ قَاتَلْتُ وَ أَمَّا الْقَاسِطُونَ فَقَدْ جَاهَدْتُ وَ أَمَّا الْمَارِقَةُ فَقَدْ دَوَّخْتُ وَ أَمَّا شَيْطَانُ الرَّدْهَةِ فَقَدْ كُفِيتُهُ بِصَعْقَةٍ سُمِعَتْ لَهَا وَجْبَةُ قَلْبِهِ وَ رَجَّةُ صَدْرِهِ وَ بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَ لَئِنْ أَذِنَ اللَّهُ فِي الْكَرَّةِ عَلَيْهِمْ لَأُدِيلَنَّ مِنْهُمْ إِلَّا مَا يَتَشَذَّرُ فِي أَطْرَافِ الْبِلَادِ تَشَذُّراً .
فضل الوحي
أَنَا وَضَعْتُ فِي الصِّغَرِ بِكَلَاكِلِ الْعَرَبِ وَ كَسَرْتُ نَوَاجِمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ وَ مُضَرَ وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَ الْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَ أَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ وَ يَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ وَ يُمِسُّنِي جَسَدَهُ وَ يُشِمُّنِي عَرْفَهُ وَ كَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ وَ مَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ وَ لَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ وَ لَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ ( صلى الله عليه وآله ) مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ وَ مَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَهُ وَ نَهَارَهُ وَ لَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ عَلَماً وَ يَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ وَ لَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ فَأَرَاهُ وَ لَا يَرَاهُ غَيْرِي وَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ خَدِيجَةَ وَ أَنَا ثَالِثُهُمَا أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَ الرِّسَالَةِ وَ أَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَى مَا أَرَى إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ وَ لَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ وَ إِنَّكَ لَعَلَى خَيْرٍ وَ لَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ ( صلى الله عليه وآله ) لَمَّا أَتَاهُ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا لَهُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ عَظِيماً لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُكَ وَ لَا أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ وَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وَ أَرَيْتَنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ وَ رَسُولٌ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ فَقَالَ ( صلى الله عليه وآله ) وَ مَا تَسْأَلُونَ قَالُوا تَدْعُو لَنَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا وَ تَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ فَقَالَ ( صلى الله عليه وآله ) إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ذَلِكَ أَ تُؤْمِنُونَ وَ تَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ وَ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لَا تَفِيئُونَ إِلَى خَيْرٍ وَ إِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ وَ مَنْ يُحَزِّبُ الْأَحْزَابَ ثُمَّ قَالَ ( صلى الله عليه وآله ) :
يَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ تَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَانْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا وَ جَاءَتْ وَ لَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ وَ قَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) مُرَفْرِفَةً وَ أَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الْأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَ بِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وَ كُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً وَ اسْتِكْبَاراً فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا وَ يَبْقَى نِصْفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَ أَشَدِّهِ دَوِيّاً فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَقَالُوا كُفْراً وَ عُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كَانَ فَأَمَرَهُ ( صلى الله عليه وآله ) فَرَجَعَ فَقُلْتُ أَنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وَ إِجْلَالًا لِكَلِمَتِكَ فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ ساحِرٌ كَذَّابٌ عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ وَ هَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ إِلَّا مِثْلُ هَذَا يَعْنُونَنِي وَ إِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ سِيمَاهُمْ سِيمَا الصِّدِّيقِينَ وَ كَلَامُهُمْ كَلَامُ الْأَبْرَارِ عُمَّارُ اللَّيْلِ وَ مَنَارُ النَّهَارِ مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ يُحْيُونَ سُنَنَ اللَّهِ وَ سُنَنَ رَسُولِهِ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَ لَا يَعْلُونَ وَ لَا يَغُلُّونَ وَ لَا يُفْسِدُونَ قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ وَ أَجْسَادُهُمْ فِي الْعَمَلِ .
كه قاصعه نام دارد (اين خطبه نكوهش ابليس را دربر دارد كه بزرگى فروخت و آدم را سجده نكرد، و ابليس نخست كس است كه عصبيت را آشكار ساخت، و حميت را پيروى كرد، نيز اين خطبه مردم را از رفتن به راه ابليس برحذر مى دارد.) سپاس خداى را كه لباس عزت و بزرگى درپوشيد و آن دو را براى خود گزيد، و بر ديگر آفريدگان ممنوع گردانيد. آن را خاص خود فرمود و بر ديگران حرام نمود. آن لباس را برگزيد چون بزرگى او را مى سزيد. و آن كس را از بندگان لعنت كرد كه آرزوى عزت و بزرگى او را در سر پرورد. پس فرشتگان مقرب خود را بدان بيازمود، و بدين آزمايش فروتنان را از گردنكشان جدا فرمود. پس گفت خداى سبحان كه داناست بدانچه نهان است در دلها ى همگان و در پرده هاى غيب پنهان: همانا مى آفرينم آدمى از گل، پس چون آن را راست و درست كردم، و از روح خود در آن دميدم، بيفتيد براى او سجده كنان. پس سجده كردند فرشتگان همگى، جز شيطان كه رشك او را فرا گرفت و به آفرينش خويش بر آدم نازيد و به اصل خود كه آتش است بر او غيرت ورزيد. پس دشمن خدا شيطان پيشواى غيرت ورزان است، و پيشرو مستكبران، پايه عصبيت را نهاد، و بر سر لباس كبريايى با خدا در افتاد.
رخت عز ت را در بر كرد، و لباس خوارى را از تن برآورد. نمى بينيد چگونه خدايش به خاطر بزرگمنشى كوچك ساخت، و به سبب بلند پروازى به فرودش انداخت. در دنيا او را براند، و براى وى در آخرت آتش افروخته آماده گرداند، و اگر خدا مى خواست آدم را از نورى بيافريند كه فروغ آن ديده ها را بربايد، و زيبايى آن بر خردها غالب آيد، با بويى خوش چنانكه نفسها را تازه نمايد، چنين مى كرد و اگر چنين مى كرد، گردنها برابر او خم بود و كار آزمايش بر فرشتگان آسان هم، ليكن خداى سبحان آفريدگان خود را به پاره اى از آنچه اصل آن را نمى دانند، مى آزمايد تا فرمانبردار از نافرمان پديد آيد و تا بزرگ منشى را از آنان بزدايد، و تكبر را از ايشان دور نمايد. پس، از آنچه خدا به شيطان كرد پند گيريد، كه كردار دراز مدت او را باطل گرداند و كوشش فراوان او بى ثمر ماند. او شش هزار سال با پرستش خدا زيست از ساليان دنيا يا آخرت دانسته نيست اما با ساعتى كه تكبر كرد خدايش از بهشت بيرون آورد، و پس از ابليس كه ايمن بود كه خدا را چنان نافرمانى نكند؟ هرگز خدا انسانى را به بهشت درنياورد به كارى كه بدان كار، فرشته اى را از بهشت برون برد. فرمان خدا براى مردم آسمان و زمين يكى است، و ميان خدا و هيچ يك از آفريدگانش در حلال شمردن آنچه بر جهانيان حرام دانسته، رخصتى نيست. پس بندگان خدا بپرهيزيد اينكه شيطان شما را به بيمارى خود مبتلا گرداند، و با بانگ خويش برانگيزاند و سوارگان و پيادگان خود را بر سر شما كشاند. به جانم سوگند كه تير تهديد را برايتان سوفار ساخته، و كمان را سخت كشيده و تاخته شما را نشانه كرده و از جاى نزديك تير گمراهى بر شما افكنده كه گفت: پروردگار من! چنانكه مرا گمراه كردى زشتيهاى زمين را براى آنان بيارايم، و همه آنان را گمراه نمايم. از ناپيدا و از روى گمان خطا سخنى گفت، و نادانسته انديشه اى در دل نهفت و متعصبان سخن او را شنفتند و يكه تازان ميدان خودخواهى و جهالت گفته وى را پذيرفتند تا چون سركش شما او را فرمانبردار شد و طمع وى در شما استوار و آنچه پوشيده و نهان بود پديدار، و قدرت او بر شما فراوان گرديد و سپاهيانش آهسته آهسته به سويتان روان. پس شما را مقهور و خوار ساختند و به ورطه هلاكت درانداختند و به آسيبهاى سختتان پى سپردند كه گويى نيزه در ديده هاتان فرو بردند و گلوهاتان را بريدند، و بينى هاتان را خرد گردانيدند، و خواستند تا شما را بكشند و مهار بر نهاده، به آتش آماده دوزخ كشند تا چنان شد كه آسيب او در دين سوزى و در كار دنياتان آتش افروزى، بر شما بيش از آنان گرديد كه به پيكارشان برخاسته ايد، و براى ستيزشان آراسته ايد.
پس بدو بخروشيد و در دفع او بكوشيد. به خدا سوگند، او بر اصل شما فخر كرد، و گوهرتان را پستتر از گوهر خود شمرد، و بر تبارتان حمله آورد و سوارانش را بر سر شما تازاند و با پيادگانش راهتان را مسدود گرداند چنانكه از هر جا شكارتان مى كند و انگشتانتان را مى برد، نه با نيرنگ خود را توانيد بازداشت و نه افسونى را به دفع بلا دانيد گماشت. در دايره ذلت خوار، و در چنبره اى تنگ گرفتار، و دستخوش مردن و از چهار سو اسير بلا بودن. پس آتش عصبيت را كه در دلهاتان نهفته است خاموش سازيد، و كينه هاى جاهليت را براندازيد كه اين حميت در مسلمان از آفتهاى شيطان است و نازيدنهاى او و بر آغاليدنها و افسون دميدنهاى او. تاج افتخار فروتنى را بر سرهاى خويش نهيد، و گردنفرازى را به زير پاهاى خود بيفكنيد، و رشته تكبر را از گردنهاتان فرود آريد، و افتادگى را همچون مرزى ميان خود و دشمن بشماريد: شيطان و سپاهيان او، كه او را در هر ملتى سپاهيان است و ياران و پيادگان و سواران. همچون قابيل مباشيد كه بر برادر خود تكبر نمود، و خدا او را هيچ برترى نداده بود جز كه او خود را بزرگ پن داشت، چون حسد وى را به دشمنى برادر واداشت، حميت، آتش در دل او فروزيد و شيطان باد كبر در دماغ وى دميد، و خدا كيفر او را پشيمانى داد، و گناهان قاتلان را تا روز قيامت در گردن او نهاد.
هان بدانيد! كه سركشى را از حد گذرانديد و با رويارويى آشكارا با خدا، و صف آرايى برابر مومنان، زمين را در تباهى كشانديد. خدا را! خدا را! بپرهيزيد از بزرگى فروختن از روى حميت، و نازيدن به روش جاهليت كه حميت زادگاه كينه است و شيطان را دمدمه جاى ديرينه كه بدان امتهاى پيشين را فريفت و مردمان را در روزگاران ديرين، تا آنكه در تاريكيهاى نادانى او پنهان شدند، و در مغاكهاى گمراهيهاى وى نهان. به راندن او رام روان، و آسان وى را به فرمان، و او كارى را در پيش گرفت كه دلها در پذيرش آن همداستان بود، و ساليان از پس ساليان در پى آن خواهش روان، و با تكبرى بر دلها سنگينى كنان هان بترسيد! بترسيد! از پيروى مهتران و بزرگانتان كه به گوهر خود نازيدند و نژاد خويش را برتر ديدند، و نسبت آن عيب را بر پروردگار خود پسنديدند و بر نعمت خدا در حق خويش انكار ورزيدند، به ستيزيدن برابر قضاى او و بر آغاليدن بر نعمتهاى او. پس آنان پايه هاى عصبيتند و ستونهاى فتنه و شمشيرهاى نازش به خوى جاهليت. پس، از نافرمانى خدا بپرهيزيد و با نعمتهايى كه به شما داده مستيزيد، و به فضيلتى كه شمار است بر ديگرى رشك مبريد، و ناپاك گوهران را پيروى مكنيد، و افسونشان را مخريد آنان كه كوشيديد تا آب تيره طينتشان را به جاى صافى طبيعت خود نوشيديد، و فطرت بى آك خويش را با مزاج بيمارشان درآميختيد، و باطل ايشان را به حق خود ريختيد، حالى كه آنان از راه حق بيرون شدن را بنيانند، و شكستن عهد و بريدن با خويشاوند را همپيمان. شيطان آنان را بارگى گمراهى ساخت، و سپاهى كرد كه بديشان بر مردمان تواند تاخت، و ترجمانى كه به زبانشان سخن گويد و راه گمراهى شما را جويد تا خردهاتان را تواند دزديد و در ديده هاتان تواند خليد، و در گوشهاتان تواند دميد. پس شما را نشانه تير خود كرد، و زير پايتان بسپرد و به چنگ خود در آورد. پس عبرت گيريد از آنچه به مستكبران پيش از شما رسيد، از عذاب خدا و سختگيريهاى او و خوارى و كيفرهاى او، و عبرت گيريد از تيره خاكى كه رخساره هاشان بر آن نهاده است، و زمينهاى نمناك كه پهلوهاشان بر آن افتاده است، و به خدا پناه بريد از كبر كه در سينه ها زايد، چنانكه بدو پناه مى بريد از بلاهاى روزگار كه پيش آيد. اگر خدا رخصت كبر ورزيدن را به يكى از بندگانش مى داد، به يقين چنين منتى را بر پيامبران گزيده و دوستانش مى نهاد، ليكن خداى سبحان بزرگمنشى را بر آنان ناپسند ديد و فروتنى شان را پسنديد. پس پيامبران از روى فروتنى گونه هاى خود را بر زمين چسبانيدند، و چهره هاى خود را به خاك ماليدند، و برابر مومنان فروتنى نمودند و خود مردمانى مستضعف بودند. خدايشان به گرسنگى آزمود و به سختى مبتلاشان فرمود، و با ترس و بيمها امتحانشان كرد و با زير و زبر كردنشان در سختيها، ايمانشان را پديد آورد. پس مال و فرزندان را ميزان خشم يا خشنودى خدا ميانگاريد، و آزمايش و امتحان او را نشانه توانگرى و توانايى مپنداريد، و خداى سبحان و تعالى فرمود: آيا مى پندارند اينكه ما آنان را به داشتن مال و پسران مدد مى نماييم، مى شتابانيم آنان را در نيكيها؟ نه، آنان نمى دانند و خداى سبحان مستكبران از بندگان خود را مى آزمايد به ارزشى كه دوستان مستضعف او در ديده آنان دارند. موسى بن عمران و برادرش هارون بر فرعون درآمدند، جامه هاى پشمين بر تن و چوبدستيها در دست، و با او پيمان نهادند به جاودانگى سلطنت و دوام به ارجمندى و عزت اگر مسلمانى پذيرد و راه ط غيان پيش نگيرد فرعون گفت: از اين دو تعجب نمى كنيد، كه شرط جاودانگى ملك و هميشگى عزت مرا مى پذيرند، و خود چنين كه مى بينيد در خوارى و فقر اسيرند فرستنده آنان كيست؟ و چرا دستبندها و گردنبندهاى زرين بر ايشان آويزان نيست؟ زر و گردآوردن آن را بزرگ داشت، و پشم و پوشيدن آن را خوارى پنداشت. و اگر خداى سبحان اراده مى فرمود آن هنگام كه پيامبران خود را مبعوث نمود، تا براى آنان گنجهاى زر را بگشايد، و كانهاى طلاى ناب را آشكار نمايد، و باغستانها، و درختستانها، و ددگان زمين، و پرندگان آسمان را بر آن جمله بيفزايد، چنين مى كرد و اگر كرده بود نه پاداش مانده بود، و نه امتحان، و نه اخبار آسمان و آمدن پيامبران و نه پذيرندگان دعوت مزد آزمودگان را سزاوار بودند، و نه مومنان از پاداش نيكوكاران برخوردار، و نه اسمها معنيهاى خود را نمودار، ليكن خداى سبحان فرستادگان خود را در اراده شان نيرومند گرداند، و در آنچه ديده ها از ظاهر آنان مى بيند خوار نماياند با قناعتى كه دل و چشمها را از بى نيازى پر دارد، و درويشيى كه ديده ها و گوشها را پر بيازارد، و اگر پيامبران را نيرويى بود كه با آن به ستيز نتوان برخاست، و عزتى كه از آن نتوان كاست، و پادشاهيى كه مردمان گردن به سوى آن كشند، و آرزومندان رخت بر اشتران بسته روى به سوى آن نهند، بر مردمان آسانتر بود كه از قدرت آنان عبرت پذيرند، و راه گردنكشى پيش نگيرند، ليكن در چنين حال ايمانشان يا از بيم جان بود و يا اميد به دست آوردن نان و چنان ايمان و كار نيكو، خالص نمى نمود بلكه نيم از ترس و نيمى به رغبت بود. اما خداى سبحان خواست تا پيامبران او را فرمانبردار بودن، و كتابهاى او را باور نمودن، و به درگاه او فروتنى كردن و فرمان او را به خوارى گردن نهادن، و پيشانى طاعت به درگاه او سودن، كارهايى باشد خاص او كه از دل خيزد و چيزى با آن نياميزد، و هر چه سختى و آزمايش سترگ، پاداش و مكافات بزرگ. نمى بينيد خداى سبحان، پيشينيان از آدم (علیه السلام) تا پسينيان از اين عالم را آزمود به حرمت نهادن سنگهايى بى زيان و سود، كه نبيند و نتواند شنود. پس خدا آن را خانه با حرمت خود ساخت و براى فراهم آمدن و عبادت مردمانش پرداخت. پس آن خانه را در سنگلاخى نهاد از همه سنگستانهاى زمين دشوارتر، و ريگزارى رويش آن از همه كمتر. به دره اى از ديگر دره ها تنگتر، ميان كوههايى سخت و ريگهايى نرم دشوار گذر، و چشمه هايى زه آب آن كم و ده هاى جدا از هم، كه شتر در آنجا فربه نشود و اسب و گاو و گوسفند علف نيابد. پس آدم و فرزندان او را فرمود تا روى بدان خانه دارند و با حرمتش شمارند پس خانه براى آنان جايگاهى گرديد كه سود سفرهاى خود را در آن بردارند و مقصدى كه بارهاى خويش در آن فرود آرند. دلها در راه ديدار آن شيدا، از دشتهايى بى آب و گياه، و مغاك دره هاى ژرف و جزيره هاى از يكديگر جدا، در پهنه دريا تا از روى خوارى شانه هاشان را بجنبانند و گرداگرد خانه كلمه تهليل بر زبان رانند، و بر گامها روند دوان، خاك آلود و مو پريشان. جامه ها را به يك سو انداخته، و با واگذاشتن موها خلقت نيكوترى خود را زشت ساخته. آزمايشى بزرگ و امتحانى دشوار و آز مودنى آشكار براى پديد آمدن نافرمان از فرمانبردار. خدا زيارت خانه را موجب رحمت خود فرمود، و وسيلت رسيدن به بهشت نمود. و اگر خداى سبحان مى خواست خانه با حرمت و عبادتگاه با عظمت خود را ميان باغستانها نهد و جويبار، و در زمين نرم و هموار، و درختستانهاى از هم ناگسسته، و ميوه ها در دسترس و عمارتها در هم و دهستانها به يكديگر پيوسته، ميان گندمزارهاى نيكو و باغهاى سرسبز تازه رو و زمينهاى پر گياه گرداگرد او، و بقعه هاى پر باران و باغستانهاى خرم، و راههاى آبادان، پاداش كم بود و آزمايش ناچيز هم، و اگر بنيادى كه پايه آن بناست، و سنگهايى كه خانه بدانها برپاست، از زمرد سبز بود و ياقوت سرخ فام، و با روشنى و درخشش تمام، از راه يافتن دو دلى در سينه ها مى كاست، و كوشش شيطان را از دلها دور مى كرد، و شك و ترديد از مردمان برمى خاست. ليكن خدا بندگانش را به گونه گون سختيها مى آزمايد، و با مجاهدتها به بندگى شان وادار مى نمايد، و به ناخوشايندها آزمايششان مى كند تا خودپسندى را از دلهاشان بزدايد، و خوارى و فروتنى را در جانهاشان جايگزين فرمايد، و آن را درهايى سازد گشاده به بخشش او، و وسيلتهايى آماده براى آمرزش او.
پس خدا را! خدا را! بپرهيزيد از سركشى در اين جهان و بترسيد از كيفر ناخوشايند ستم در آن جهان، و پايان زشت خودبينى كه دامى است نهاده شيطان. دامى بزرگ و فريفتنى سترگ. بر دل مردان راه يابد، چون زهر كشنده كه در اندامها شتابد. هيچگاه از كار باز نماند، و به خطا كس را از مكر خود نرهاند. نه دانشمندى را به خاطر دانش و نه مستمندى را در فرسوده پوشش، و خدا بندگان با ايمان خود را از اين آسيب بر كنار مى دارد، با نمازها و زكاتها و روزه گرفتنهاى دشوار، در روزهايى كه واجب است تا اندامهاشان بيارمد با اين كار، و ديده هاشان خاشع شود و جانهاشان خوار. و سبك ساختن دلهاى آنان، و بردن خودبينى از ايشان، به فروتنى كه در اين عبادتهاست: از چهره هاى شاداب را به تواضع بر خاك سودن، و با چسبانيدن اندامهاى پاكيزه بر زمين خردى خويش را نمودن، و رسيدن شكمها به پشت به فروتنى و خوارى به خاطر روزه دارى، و آنچه در زكات است از دادن بهره هاى زمين و جز آن، به مستمندان و بيچارگان. بدانچه در اين كارهاست بنگريد: از سركوبى جوانه هاى نازش و بازداشتن نهالهاى خودپسندى از رويش. نگريستم و هيچ يك از جهانيان را نيافتم كه براى چيزى تعصب ورزد جز آنكه آن تعصب را علتى بود: آنچه نادانان را بفريبد، و يا پذيرفتن آن انديشه بى خردان را زيبد. تنها شماييد كه براى چيزى تعصب مى نماييد كه آن را سببى شناخته نيست و علتى دانسته نه. اما شيطان به خاطر گوهر خود بر آدم تعصب آورد، و در آفرينش وى او را سرزنش كرد و گفت: من از آتش ساخته ام و تو از گل پرداخته. اما توانگران و خداوندان نعمتهاى فراوان، تعصب ورزيدند، چون نشانه هاى نعمت را ديدند، گفتند: ما را دارايى و فرزندان بيش است و عذابى مان نه در پيش است. پس اگر به ناچار تعصب ورزيدن بايد، در چيزى تعصب ورزيد كه شايد: در خويهاى نيك و گزيده و كردارهاى پسنديده، و كارهاى نيكو كه افزونى بر يكديگر جستند در آن، بزرگواران و دلاوران از خاندانهاى عرب و مهتران قبيله نيكو حسب. از آراسته بودن به خوبى خوى و رفتار، و بردبارى به هنگام خشم بسيار، و آنچه پسنديده است از رفتار و كردار. پس در خصلتهاى نيكو تعصب ورزيد از حمايت كردن پناهندگان، و به سر رساندن پيمان و آراسته بودن به تقوى و ايمان، و از خودپسندى دورى گزيدن، و به فضيلت آراسته بودن، و دست بازداشتن از ستمكارى و بزرگ شمردن گناه خونريزى و خونخوارى، و داد مردمان دادن، و خشم را فرو خوردن، و پرهيز از تبهكارى در زمين، و بپرهيزيد از آنچه فرود آمد بر امتهاى پيشين، از كيفرهايى كه ديدند بر كردارهاى ناشايست و رفتارها كه كردند و نبايست. پس نيك و بد احوالشان را به ياد آريد و خود را از همانند شدن به آنان برحذر داريد.
و چون به چشم خرد ديديد و در خوشبختى و بدبختى شان انديشيديد، آن را عهده دار شويد كه عزيزشان گرداند و دشمنان را از سرشان راند، و زمان بى گزندى شان را به درازا كشاند، و با عافيت از نعمت برخوردار و پيوند رشته بزرگوارى با آنان استوار. و آن از پراكندگى دور نمودن بود و به سازوارى روى آوردن، و يكديگر را بدان برانگيختن و سفارش كردن، و بپرهيزيد از هر كار كه پشت آنان را شكست و نيروشان را گسست، چون: كينه هم در دل داشتن و تخم نفاق در سينه كاشتن و از هم بريدن، و دست از يارى يكديگر كشيدن. و در احوال گذشتگان پيش از خود بنگريد، مردمى كه با ايمان بودند چسان به سر بردند؟ و چگونه آنان را آزمودند؟ آيا نبودند گرانبارتر آفريدگان. و به هنگام آزمايش كوشاترين بندگان، و تنگ زندگانى ترين مردم جهان؟ فرعونان آنان را به بندگى گرفتند و در عذاب سخت كشيدند، و تلخى زندگانى را جرعه جرعه بديشان نوشانيدند. پس پيوسته در خوارى و هلاكت بود ند و مقهور چيرگى و قدرت، نه چاره اى مى يافتند تا سر باز زنند، و نه راهى كه عذاب را از خود دور كنند. تا چون خدا ديد چگونه در راه دوستى او بر آزار شكيبايند، و چسان از بيم او ناخوشايند را تحمل مى نمايند، از تنگناهاى بلا گشايشى برايشان پديد آورد، و از پس خوارى ارجمندشان فرمود و آرامش را جايگزين بيم كرد. پس پادشاهان حكمران شدند و پيشوايان با فر و شان و كرامت خدا درباره شان تا بدانجا رسيد كه ديده آرزو نهايت آن را نديد. پس بنگريد چسان مى نمودند، آنگاه كه گروهها فراهم بودند، و همگان راه يك آرزو را مى پيمودند، و دلها راست بود و با هم سازوار و دستها يكديگر را مددكار، شمشيرها به پارى هم آخته، و ديده ها به يكسو دوخته، و اراده ها در پى يك چيز تاخته، آيا مهتران سراسر زمين نبودند، و بر جهانيان پادشاهى نمى نمودند؟ پس بنگريد كه پايان كارشان به كجا كشيد، چون ميانشان جدايى افتاد، و الفت به پراكندگى انجاميد، و سخنها و دلهاشان گونه گون گرديد. از هم جدا شدند، و به حزبها گراييدند، و خدا لباس كرامت خود را از تنشان برون آورد، و نعمت فراخ خويش را از دستشان به در كرد، و داستان آنان ميان شما ماند، و آن را براى پندگيرنده عبرت گرداند پس از حال فرزندان اسماعيل و اسحاق و اسرائيل كه درود بر آنان باد پند گيريد، كه حالتها سخت متناسب است با هم و چه نزديك است مثالها به هم، بيش و كم. در كار آنان بينديشيد، و روزگارى كه پراكنده بودند و از هم جدا، و كسراها و قيصرها بر آنان پادشا. آنان را از مرغزارهاى پر نعمت و درياى عراق و سرزمينهاى سبز آفاق مى ربودند و به زمينهايى كه رستنى آن در منه بود، روانه مى نمودند، آنجا كه بادها از هر سو در آن وزان بود، و آنان گرفتار بدى گذران. آنان را واگذاشتند مستمند درويش، بيابان نشين و چراننده اشتران پشت ريش. پستترين جايهاشان خانه، و خشكترين بيابانشان جاى قرار و كاشانه. نه به سوى حق دعوتى، تا بدان روى آرند، و خود را از گمراهى باز دارند، و نه سايه الفتى كه رخت بدانجا افكنند و در عزت آن زندگى كنند. حالتها ناپايدار، دستها به خلاف هم در كار، جمعيت پراكنده، در بلاى سخت و تيه نادانى دست و پا زننده، از: زنده به گور كردن دختران، و پرستيدن بتان و بريدن پيوند خويشان و يكديگر را غارت كنان. پس بنگريد كه نعمتهاى خدا چگونه بر آنان فرو ريخت، هنگامى كه پيامبرى برايشان برانگيخت. آنان را به طاعت خدا درآورد و با خواندنش ان به سوى او با يكديگر سازوارشان كرد، و چسان نعمت، شهپر خود را بر سر آنان گسترد و جويبارهايى از آسايش و رفاه براى ايشان روان نمود، و ملت اسلام، با بركتهاى خود آنان را فراهم فرمود. پس در نعمت شريعت غرقه گرديدند، و لذت زندگى خرم و فراخ آن را چشيدند. زندگى شان به سامان، در سايه دولتى قويشان، و نيكويى حال آنان را به عزتى رساند ارجمند، و كارهاشان استوار گرديد و دولتشان نيرومند، چنانكه حاكم شدند بر جهانيان، و پادشاهان زمين در اين كرانه و آن كران. كار كسانى را به دست گرفتند كه بر آنان حكومت مى نمودند، و بر كسانى فرمان راندند كه فرمانبر آنان بودند. نه تيرشان بر سنگ مى رسيد و نه سنگشان سبك مى گرديد. همانا شما رشته فرمانبردارى را از گردن گشاديد و به داوريهاى دوران جاهليت رضا داديد، در دژ خدايى كه پيرامونتان بود رخنه نهاديد. همانا خداى سبحان بر جماعت اين امت مسلمان منت نهاد و به الفت آنان را با يكديگر پيوند داد، پيوندى كه در سايه آن بچمند، و در پناه آن بيارمند. در نعمتى كه هيچ يك از آفريدگان بهايى نداند براى آن. چه آن نعمت از هر بهايى برتر است و از هر رتبت و منزلتى گرانقدرتر. و بدانيد! كه شما پس از هجرت و ادب آموختن از شريعت به خوى باديه نشينى باز گشتيد و پس از پيوند دوستى دسته دسته شديد. با اسلام جز به نام آن بستگى نداريد و از ايمان جز نشان آن را نمى شناسيد. مى گوييد به آتش مى سوزيم و ننگ را نمى توزيم . گويا مى خواهيد اسلام را واژگون كنيد با پرده حرمتش را دريدن، و رشته برادرى دينى را بريدن. پيمانى كه خدايش براى شما در زمين خود پناهگاه و جاى امن فرمود، و موجب ايمنى آفريده هايش نمود، و اگر شما به چيزى جز اسلام پناه برديد، كافران با شما پيكار خواهند كرد، آنگاه نه جبرئيل ماند و نه ميكائيل، و نه مهاجران و نه انصار كه شما را يارى كند. جز تيغ بر يكديگر زدن نبود تا خدا ميان شما داورى كند. و همانا نمونه ها و داستانها در دسترس شماست از گذشتگان و عذاب خدا و سختيهاى او كه رسيد به آنان ، و روزهايى كه عذابشان كرد و آسيبهاى سخت او كه به آنان فرود آورد . پس وعده عذاب او را دير ميانگاريد، به عذر آنكه نمى دانيد در چنگ او گرفتاريد. و با انتقام او را سبك شمردن، و از كيفر او ايمن بودن كه همانا خداى سبحان مردم دوران گذشته را كه پيش از شمايند از رحمت خود دور نفرمود، جز براى آنكه امر به معروف را واگذاشتند، و مردمان را از منكر باز نداشتند. پس خدا بى خردان آنان را لعنت كرد به خاطر نافرمانى كردن، و خردمندان را به گناه ديگران را از نافرمانى مانع نبودن. هان! بدانيد كه شما رشته پيوند با اسلام را گسستيد، و حدود آن را شكستيد، و احكام آن را كار نبستيد. بدانيد كه خدا مرا فرموده است با تجاوزكاران و پيمان گسلان، و تبهكاران در زمين پيكار كنم. اما با پيمان گسلان جنگيدم و با از حق برون شدگان ستيزيدم، و از دين بيرون شدگان را زبون ساختم. اما شيطان ردهه، به جاى من بانگى كار او را بسنده گرديد چنانكه از آن بانگ آواى طپيدن دل و لرزه سينه خود را شنيد، و اندكى از تجاوزكاران مانده، و اگر خدا مرا رخصت داد كه بر ايشان بتازم و آنان را براندازم، دولت را از آنها بازگردانم و از آن خود سازم، جز تنى چند كه در اين سوى و آن سوى شهرها بمانند و مردم را بترسانند . من در خردى بزرگان عرب را به خاك انداختم و سركردگان ربيعه و مضر را هلاك ساختم. شما مى دانيد مرا نزد رسول خدا چه رتبت است، و خويشاونديم با او در چه نسبت است. آنگاه كه كودك بودم مرا در كنار خود نهاد و بر سينه خويشم جا داد، و مرا در بستر خود مى خوابانيد چنانكه تنم را به تن خويش مى سود و بوى خوش خود را به من مى بويانيد. و گاه بود كه چيزى را مى جويد، سپس آن را به من مى خورانيد. از من دروغى در گفتار نشنيد، و خطايى در كردار نديد. هنگامى كه از شير گرفته شد خدا بزرگترين فرشته از فرشتگانش را شب و روز همنشين او فرمود تا راههاى بزرگوارى را پيمود، و خويهاى نيكوى جهان را فراهم نمود. و من در پى او بودم در سفر و حضر چنانكه شتر بچه در پى مادر. هر روز براى من از اخلاق خود نشانه اى برپا مى داشت و مرا به پيروى آن مى گماشت. هر سال در حراء خلوت مى گزيد، من او را مى ديدم و جز من كسى وى را نمى ديد. آن هنگام جز خانه اى كه رسول خدا (صلی الله علیه وآله) و خديجه در آن بود، در هيچ خانه اى مسلمانى راه نيافته بود، من سومين آنان بودم. روشنايى وحى و پيامبرى را مى ديدم و بوى نبوت را مى شنودم. من هنگامى كه وحى بر او (ص) فرود آمد، آواى شيطان را شنيدم. گفتم: اى فرستاده خدا اين آوا چيست؟ گفت: اين شيطان است كه از آن كه او را نپرستند نوميد و نگران است. همانا تو مى شنوى آنچه را من مى شنوم، و مى بينى آنچه را من مى بينم، جز اينكه تو پيامبر نيستى و وزيرى و بر راه خير مى روى و مومنان را اميرى . و من با او بودم، هنگامى كه مهتران قريش نزد وى آمدند، و گفتند: اى محمد (صلی الله علیه وآله) ! تو دعوى كارى بزرگ مى كنى كه نه پدرانت چنان دعويى داشتند، نه كسى از خاندانت. ما چيزى را از تو مى خواهيم اگر آن را پذيرفتى و به ما نماياندى، مى دانيم تو پيامبر و فرستاده اى وگرنه مى دانيم جادوگرى دروغگويى. گفت (ص) : چه مى پرسيد؟ گفتند: اين درخت را براى ما بخوان تا با رگ و ريشه برآيد و پيش روى تو درآيد. گفت (ص) : خدا بر هر چيز تواناست. اگر خدا براى شما چنين كرد، مى گرويد، و به حق گواهى مى دهيد؟ گفتند: آرى. گفت: من آنچه را مى خواهيد به شما نشان خواهم داد. و من مى دانم شما به راه خير باز نمى گرديد. و در ميان شما كسى است كه در چاه افكنده شود و كسى است كه گروهها را به هم پيوندد و لشكر فراهم آورد. سپس گفت (ص) : اى درخت اگر به خدا و روز رستاخيز گرويده اى و مى دانى من فرستاده خدايم با رگ و ريشه از جاى بر آى، و پيش روى من درآى به فرمان خداى. پس به خدايى كه او را به راستى برانگيخت، رگ و ريشه درخت از هم گسيخت و از جاى برآمد بانگى سخت كنان و چون پرندگان پرزنان تا پيش روى رسول خدا (صلی الله علیه وآله) بيامد، و شاخه فرازين خود را بر رسول خدا (صلی الله علیه وآله) گسترد، و يكى از شاخه هايش را بر دوش من آورد، و من در سوى راست او (ص) بودم. پس چون آنان اين معجزه را ديدند، از روى برترى جويى و گردنكشى گفتند: بگو تا نيم آن نزد تو آيد و نيم ديگر بر جاى ماند. پس او درخت را چنين فرمان داد و نيم آن رو سوى او نهاد، پيش آمدنى سخت شگفت آور، و با بانگى هر چه سختتر. چنانكه مى خواست خود را به رسول خدا (صلی الله علیه وآله) بپيچد. پس آنان از روى ناسپاسى و سركشى گفتند: اين نيم را بفرما تا نزد نيم خود باز رود چنانكه بود و او درخت را چنان فرمود. پس درخت باز گرديد و من گفتم: لا اله الا الله، اى فرستاده خدا! من نخستين كسم كه به تو گرويد، و نخستين كس كه اقرار كرد كه درخت آنچه را فرمودى به فرمان خدا به جا آورد. تا پيامبرى تو را گواهى دهد و گفته تو را بزرگ دارد. پس آنان گفتند: نه كه ساحرى است دروغگو، شگفت جادوگر، و كار او. و چه كسى تو را در كارت تصديق كند جز او! و قصدشان من بودم . من از مردمى هستم كه در راه خدا از سرزنش ملامت كنندگان باز نمى ايستند. نشانه هاى آنان، نشانه راستكاران و سخنشان، گفتار درست كرداران. زنده داران شبند به عبادت و نشانه هاى روزند براى هدايت چنگ در ريسمان قرآن زده اند! و سنت خدا و فرستاده او را زنده كرده اند. نه بزرگى مى فروشند، و نه برترى جويى دارند، نه خيانت مى كنند و نه تبهكارند. دلهاشان در بهشت است و تن هاشان را به كار عبادت وا مى دارند.
قبلی [1] بعدی [2]
Links
[1] https://farsi.balaghah.net/node/3882
[2] https://farsi.balaghah.net/node/3884